العدد في الليمون


بقلم: شيرين سيف الدين 

تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مُبَاهٍ بكم الأمم يوم القيامة»، هذا الحديث النبوي هو حجة من يرفضون تحديد النسل ، وهم بالضبط يسيرون بمبدأ حافظ مش فاهم ، فمن المؤكد أن النبي عليه الصلاة والسلام لن يتباهى بنا إلا لو كنا على خلق الإسلام ولن يتباهى بنا لو جئنا إلى هذه الحياة وخرجنا منها دون السير على النهج القويم ، فبالله عليكم هل يتصور أحد أن ما وصلنا إليه هو ما كان يقصده النبي ، أو أن إنجاب أعداد من الأبناء وإلقاءهم في الشوارع دون رعاية أو اهتمام سيأتي ببشر يتباهى بهم الرسول الكريم يوم القيامة  ؟ 

من المحزن حقا أن تصبح نسبة كبيرة من هذا الكم البشري مجرد كثرة كغثاء السيل لا تضر عدوًا ولا تنفع صديقًا ، وأصبح المجتمع مبتليا بسوء الخلق وبأعداد مهولة  من المجرمين والفاسدين والفشلة لأنهم لم يجدوا من يعتني بهم ويربيهم ويقومهم .

إن المسألة ليست بالكم ولكن بالكيف فمن يعلم أنه لا يملك قوت أبنائه والقدرة الصحية والنفسية والعقلية على تربيتهم تربية قويمة عليه أن يتوقف عن ظلم المزيد من البشر الذين يأتون إلى هذه الدنيا  دون أن يجدوا الاهتمام والرعاية الكافية فيصبح مصيرهم مظلما ، بالإضافة لكونهم عبئا على المجتمع ذي الموارد المحدودة .

الكرة الآن في ملعب الدولة والحل لن يأتي إلا من خلالها فقد آن الأوان أن تتوقف الدولة عن دعم أكثر من طفلين أو ثلاثة لكل أسرة ،  ومن لا يلتزم فيقع على عاتقه الإنفاق عليهم وتعليمهم وعلاجهم على نفقته الخاصة ، وأن يتوقف عن البكاء والعويل ، فكثيرا ما نجد من يشكُ ويستنجد بالحكومة لأنه لا يعمل ويعول ١٠ أبناء ولا يستطيع أن يطعمهم أو يعلمهم أو يعالجهم كما لا يجد لهم مكانا في مسكن لا يتعدى أمتارا بالطبع ، فهل هذا يعقل وهل تستطيع دولة تحمل مسؤولية كل هذه الأعداد ؟

مؤسف حقا اننا أصبحنا نعاني من أعداد بشرية لا تفيد المجتمع في شيء فهم فقط عالة عليه ، ويظل هؤلاء يطالبون الدولة بالإنفاق عليهم وتحمل مسؤوليتهم ، ومن جهتها الدولة تضطر لإلقاء العبء على الطبقة المتوسطة التي في الأغلب الأعم تكتفي بعدد طفل لثلاث أطفال كي تستطيع تربيتهم تربية كريمة ، وفي المقابل لا تستفيد أي شيء سوى أنها تنفق على ملايين البشر ، لكن وجب الآن رفع شعار (نكتفي بهذا القدر) .

مسئولية الدولة كبيرة في توعية المواطنين بضرورة الاكتفاء بطفلين أو ثلاث على الأكثر ، والاستعانة برجال الدين كي يصححوا مفهوم (حرمانية تحديد النسل) ويوضحوا الضرورات والمستجدات التي تحتم البدء في هذه الخطوة  ، فقد قال الرسول أنتم أدرى بشؤون دنياكم ، كما أنه من الضروري الاستعانة بالمتخصصين في علم النفس والسلوك لوضع خطة لتقويم الأفكار السائدة بالرغبة في إنجاب ذكر ، أو أن الأبناء عزوة ، ومقولة إن كل طفل يأتي برزقه فالمسألة لا تختذل في الرزق المادي والإنفاق بل الأهم هو القدرة على توفير حياة كريمة للمواطن و إيجاد أماكن للدراسة ، والقدرة الاستيعابية للمرضى في المستشفيات ، والقدرة على  تقديم خدمات حكومية محترمة وإيجاد فرص عمل مناسبة لتلك الأعداد الغفيرة .

إن الأبناء أمانة يجب أن تصان فإذا علم الأهل صعوبة القدرة على الاعتناء بهم والحفاظ عليهم واسعادهم وتنشئة أجيال صالحة تفيد المجتمع فعليهم التوقف عن انجاب المزيد ، فالعدد الكبير من الأبناء في الغالب سيؤدي إلى ضياعهم تربية وسلوكًا وتعليما ورعاية .

أعلم جيدا أن مثل هذه الدعوة ستلقى اعتراضا من البعض ، لكن بتوضيح أسبابها وكافة جوانبها ، والفائدة العائدة على المجتمع والأسرة من تنفيذها والبدء بها ربما سيزيل الضباب ويقنع الغافلين ويجد قبولا تدريجيا للفكرة .

خطوة لابد منها اليوم قبل غد ..