مفاتيح سر الدفع!


بقلم: شيرين سيف الدين 

كيف نجعل مواطن الطبقة المتوسطة دافع الضرائب،  يدفع المطلوب منه بالتي هي أحسن وبصدر رحب؟، دعونا نحلل القضية بشكل بسيط وعفوي وقد نصل للإجابة معا ...
 
منذ أن يستيقظ المواطن صباحا يبدأ يومه بمواجهة العديد من المشكلات، وعليه الوفاء بمتطلباته ومتطلبات أسرته الشخصية ومواجه الغلاء المستمر، وأصبح عليه الاستغناء عن الرفاهيات من أجل الوطن، والكثير منا يعلم جيدا أن الدولة في وضع صعب والتركة ثقيلة لكن المواطن أيضا في وضع صعب وحمله ثقيل، إذا ما هو الحل ؟ وكيف تساعد الدولة المواطن على تحمل أعباء الحياة وتجعله يتقبل رفع الدعم ودفع الضرائب دون امتعاض؟. 

المشكلة الأكبر بالنسبة للطبقة المتوسطة الآن لا تقتصر على غلاء الأسعار أو الضرائب التي تدفعها أو الدعم المرفوع عنها ، لكن في الشعور بأنها تدفع دون الحصول على مقابل يستحق ، فهي تتحمل تكاليف تعليم أبنائها والعلاج ولا تحصل حتى على بطاقة تموينية، كما أن المعاناة والضغوط التي يواجهها المواطن يوميا منذ خروجه من باب بيته هي السبب الأكبر في حالة الاحتقان، بداية من وسائل المواصلات ومواجهته لزحام الطرق وعدم الإحساس بالأمان على الطرق السريعة أو الالتزام بتطبيق القوانين، بالإضافة لمخالفات المحليات بشكل لا يطاق.

وحتى من يقطن في حي راق ربما يستيقظ ليجد مستجدات تكدر صفو حياته كأن يجد مقهى أسفل منزله أو ورشة أو مطعم يحتل الرصيف أو انتشار للباعة الجائلين، دون معرفة سبيل للخلاص أو الحل، كما أن الكثير ممن قرروا الهرب والسكن داخل مجمعات سكنية مغلقة في أماكن جديدة كمنطقة التجمع مثلا يشكون من ظهور محطات ميكروباصات وأوتوبيسات في مواجهة المداخل ، وباعة جائلين ومتسولين وعربات طعام بالقرب من البوابات أو على الأسوار الخارجية ، ناهيك  عن المعاناة في (مشوار تخليص الأوراق) الحكومية الذي يعد كابوسا حال اضطراره له  .
 
هذه التركيبة اليومية لحياة المواطن الدافع للضرائب والمرفوع عنه الدعم في رأيي هي السبب الأساسي في حالة الرفض والاعتراض لدى البعض وحالة الغليان سواء ضد بعضهم أو ضد الحكومة .

هل فكرنا لماذا أصبحت ردود فعل الناس في أي موقف عنيفة؟ فمثلا نجد شخصا بمجرد اصطدام سيارته بأخرى يعتدي بيده على قائد السيارة المصطدمة دون تفكير؟ .

أعتقد أن هذا يحدث بسبب الضغط النفسي الذي يعانيه في يومه ، ولأنه يعلم جيدا أنه لن يحصل على حق ولا باطل وأن حبال المحاكم طويلة لذا أخذ قرار (فش غله ) واخذ حقه بيده ، وهذا مجرد مثال بسيط والأمثلة لا تنتهي .

الخلاصة إن الطبقة المتوسطة والمفروض عليها دفع الضرائب وتحمل أعباء غير القادرين لا تطالب بالكثير ، وفي اعتقادي أن حالة كبيرة من الرضى ستسود لو شعر دافع الضريبة أنه يدفع ويحصل على مقابل طبيعي كخدمات حكومية مريحة  بدون (بهدلة )  ، تلك الطبقة ستدفع بمنتهى الرضا لو شعرت أنها أصبحت تسير على طرق مرصوفة  خالية من الحفر والبالوعات وأرصفة لا تملأها التعديات ، تلك الطبقة ستدفع بصدر رحب لو شعرت بأن هناك قانونا مفعلا للمرور يشعرها بالأمان أثناء السير على الطرق السريعة وبالراحة في الطرق المعتادة .

لا يكفي فقط انشاء شبكة طرق سريعة دون ضبطها والحفاظ على حياة المواطنين السائرين عليها، تحتاج هذه الطبقة للشعور بالعدل فقد تضاعف عليها ماتدفعه لترخيص السيارة ، مع مضاعفة قيمة المخالفات في حين أن التكاتك متروكة في جميع الشوارع والمناطق دون ترخيص ولا ضرائب أو رسوم مخالفات أو غرامات، ناهيك أن من يقودها في الغالب أطفال يسيرون عكس السير ويتسببون في حوادث كثيرة ، وقد يجد قائد السيارة المرخصة نفسه مدانا وقابعا في السجن لأنه اصطدم بذلك المخالف الغير مرخص أصلا ! 

كلها مشكلات معروفة وواضحة وتشتكي منها جميع الفئات وفي نظري ليست مستعصية بل هي قابلة للحل فقط إن قررنا وأردنا ذلك .

وختاما فمفاتيح سر الدفع بالتي هي أحسن ودون امتعاض هي الاهتمام بإصلاح ثلاث منظومات (المحليات - المرور - الخدمات الحكومية) .