على هامش الضريبة العقارية


بقلم: شيرين سيف الدين 
 
بيت الإنسان أو سكنه هو المكان الذي يؤويه ويشعر بداخله بالسكينة والراحة، ويبيت فيه لياليه مستورا قصرا كان أو غرفة صغيرة ، وأكثر ما يهتم به الإنسان في حياته هو أن يصبح لديه مسكن مستقل ، ويظل يرسم في خياله التصور لهذا المسكن وحين يتحقق الحلم ويمتلكه يشعر كأنه أمتلك العالم بما فيه ،  فقد يتحمل الفقير الجوع أو الحرمان لكنه لا يتحمل أن يعيش في الشارع ، كذلك القادر قد يضع جميع مدخراته في منزل فاخر يُسعد به نفسه وأسرته .

وليس معنى سكن شخص في شقة فارهة أو فيلا أو حتى قصر أنه حرامي أو سارق لثمنها ، فالأغلبية تعمل وتشقى وتدخر قدر ما تستطيع كي تحقق حلمها في امتلاك ذلك السكن ، حتى لو كانت الأموال موروثة فهي حق الإنسان ورزقه ، وكثير ممن يسكنون تلك المنازل لايزالون يدفعون أقساطها وليس بالضرورة أن لديهم السيولة الكافية كي يقوموا بدفع قيمة الضريبة العقارية على السكن ، فهل يعقل أن يطلب من هؤلاء بيع منازلهم مثلا أوالسكن فيما هو أقل كي لايدفعوا ضريبة أو كي تقل عليهم قيمتها ؟ 

السكن حق أصيل للإنسان كل حسب قدراته ، والدولة في الأساس تفرض منذ البداية ضرائب على الأرض المباعة وعلى شركات المقاولات التي بدورها تحمل المشتري هذه القيمة المضافة ، كما أن راتب الموظف كلما زاد تفرض عليه الدولة ضريبة أكبر تُسْتَقطع منه بشكل تلقائي ، وهذا الراتب هو ما يدفع منه المواطن ثمن السكن الذي يعد في نظر البعض فارها ، كما أن ذلك المواطن لا يكلف الدولة أي نوع من أنواع الدعم فهل ستصر الدولة على تحميله كل يوم عبئاً جديدا يفقده كرسيه في طبقته إلى أن يضطر للجلوس على كرسي الطبقة المحتاجة للدعم ويصبح  حملا زائدا عليها ؟

نقطة هامة يجب أن يفهمها واضع القانون أن من يقطن في عقار اليوم قيمته ملايين ربما قد قام بشرائه منذ سنوات طويلة بقيمة أقل بكثير من قيمته الحالية مثلما هو الحال في المدن الجديدة التي تضاعف سعرها في بضع سنوات دون ذنب للمالك أو تدخل منه ، ولا يعني سكنه في عقار أيا كانت قيمته انه يمتلك سعره كسيولة مالية في يده فهو يسكن فيه وفقط ، وقيمته مجرد قيمة على ورق قد يحصل الورثة يوما ما عليها ، أما هو فلا يستفيد سوى بقائه بداخله .

أفهم أن من لديه أكثر من عقار عليه دفع ضريبة ومن الممكن أن تكون ( تصاعدية ) على كل وحدة زائدة سواء مغلقة أو بغرض التصييف أو الاستثمار أو غيره ، لأنها حالات مختلفة ومن المنطقي أن يفرض عليها ضرائب ، كما يمكن فرض ضريبة على البائع حال قيامه ببيع العقار .

إن كل ما يخشاه المواطن اليوم وهو الحديث المرتاب للجميع في جميع الأوساط الفترة الحالية  هو أن تتم زيادة قيمة الضريبة كل فترة بعد أن تصبح حقا مكتسبا للدولة ، ويثرثر الكثير أن القيمة الحالية ماهي إلا فخ .

بصعوبة تفهم المواطنون وتقبلوا وتأقلموا مع فكرة رفع الدعم عن الكهرباء والبنزين وغلاء الأسعار وزيادة الضرائب على الراتب والملابس والرفاهيات أما المسكن الذي يعد أساس الأساسيات وليس له علاقة بالرفاهيات مهما كان مستواه طالما من مصدر حلال ، فلا يعقل فرض ضريبة أو تحصيل أي مبلغ كان صغيرا كان أو كبيرا عليه في مقابل أن يظل المواطن قاطنا فيه وبين جدرانه أو أن يتخلى عنه ويبحث عن الأقل .

دائما ما نتناول ونبحث عن حقوق غير القادرين ، واليوم من حق مواطن الطبقة المتوسطة والمواطن القادر أن تضعهم الدولة أيضا في الاعتبار ماداموا يتحصلون على أموالهم من مصادر مشروعة، ويعفون الدولة من أية أعباء، بل ربما يكونوا هم حجر الأساس في الوقوف بجانبها وتحمل مسؤولية متطلبات وعناء الفترة العصيبة الحالية أملا في أن يصل الجميع لبر الأمان.

المثل يقول: لو كان حبيبك عسل ما تلحسوش كله