شنطة قمامة!


بقلم: هبة شكري

عبارة ربما أصبحت الأشهر والأهم على لسان أغلب الزوجات فى مصر، صباحاً وهى تهم بتوديع زوجها لمقر عمله، مصحوبا بدعوات السلامة، وعفوا أيضا بــ«شنطة القمامة» للتخلص منها فى أقرب «مقلب»، الذى ربما يكون «بدون صناديق»، أو ناصية شارع، أو تحت سيارة مركونة، ولا مانع إذا كان الزوج متأففا متعففا، أن يتركها فى مدخل عمارته لأى عابر سبيل متضرر منها، يحملها بدلا منه إلى مستقرها الأخير.

منذ سنوات مضت نشأت فى منزلى، على أن جامع القمامة يأتى كل يومين،  وأحيانا كل يوم، حاملا «مقطفه» أعلى ظهره، ويطرق باب الشقة، بكلمته الشهيرة وبصوته الأجش «الزبالة»، لتضع له أمى الصندوق خارج باب الشقة، فيفرغه فى قفته، ثم يطرق باب الشقة الثانية والثالثة، إلى أن ينتهى من العمارة كاملة، ويفرغ حمولته فى عربته الكارو، ذات الحمارين، والتى تطورت بعد فترة لتصبح سيارة نصف نقل، فى مقابل شهرى بسيط، تطورت أيضا ـــــــ بعد تدخل الحكومة ـــــــ ، لتتولى زمامها شركات متعاونة مع الأحياء، فتقوم بمهمة الجمع من المنزل فى مقابل شهرى، بايصالات سداد من الحى.

وتطورت تلك المهنة الهامة أفضل تطور، واختفى جامع القمامة تماما من منازلنا، ليتولى «رجل البيت» المهندم المهمة، ويقوم بالدور المزدوج، فيحمل القمامة بنفسه، ويدفع نقود القمامة، المحملة على فاتورة الكهرباء، بقيم تتراوح بين 3 جنيهات للمناطق العشوائية، و5 للمناطق المتوسطة، و10 للاحياء الراقية، فى مقابل خدمة لا يشعر بها، ولا تؤديها الشركات المنوطة بها، بل وتطرح الحكومة حاليا أطر لزيادتها!. 

وبالأمس وحسب المنشور فى الصحف، قالت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، إن الوزارة أعدت مقترحا لإعادة تسعير رسوم جمع القمامة من المنازل، بحيث تبدأ من 4 جنيهات إلى 24 جنيها شهريا، فى زيادة مبالغ بها للغاية وتحمل المواطن أعباء إضافية على كاهله. 

وبرأى مخالف للرغبة الحكومية، أكد النائب صلاح عيسى، عضو لجنة الطاقة والبيئة بالبرلمان، فى تصريحات لموقع «صدى البلد» مؤخرا، أن القضاء على أزمة القمامة تتطلب عودة الزبال مرة أخرى، والاستغناء عن شركات النظافة، بحيث يحصل الزبال على رسم معين مقابل جمع القمامة من المنازل، وذلك من خلال التنسيق مع المحافظات والأحياء، مشيرا الى أن عودة الزبال مرة أخرى، ستساهم في منع فرز القمامة فى الشارع ومنع القاء المواطنين للقمامة في الشارع، مناشدا الحكومة انها اذا أرادت زيادة الرسوم أن تكون الزيادة معقولة وألا تكون عشوائية، بحيث لا تقل عن 5 جنيهات ولا تزيد على 15 جنيهًا شهريًا.

وتنفق الأحياء ألوف الجنيهات شهريا فى سبيل تعاقدات مع متعهدى القمامة، والتى تقدر جملة التعاقدات معهم بحسب تصريحات أحد رؤساء الأحياء بأكثر من 150 الف جنيه شهريا، نظير إيجار لوادر رفع وسيارات نقل، وهو ما يذهب بجهود الأحياء فى التجميل والتشجير والرصف، إلى الاكتفاء بجمع القمامة فقط فى محاولة للحفاظ على الشوارع.

أضم صوتى للصوت البرلمانى، بضرورة عودة جامع القمامة مرة أخرى إلى المنازل، وليكن محددا اسمه فى منشور من الحى بكل منطقة، والقيمة التى سيحصلها من المواطن، ومواعيد مروره الدورية، على أن تكون القيمة متوسطة وغير مبالغ فيها، بما يضمن الانتظام فى الخدمة، وعدم لجوء المواطن للرمى فى الشارع، وبما يضمن الحفاظ على النظافة العامة، والصورة الحضارية للشوارع والحوارى والميادين.