اليسا


اسلام حامد

صدمة شديدة، عقب اعلان الفنانة الكبيرة المتالقة «اليسا» لجمهورها المفضل وعشاق صوتها، وانا منهم، انها اصيبت بمرض سرطان الثدى وتعافت منه خلال الفترة الماضية، واعلنت الفنانة الراقية هذا من خلال كليبها الجديد «إلى كل اللى بيحبونى»، والذى رصدت خلاله رحلتها مع المرض وتعافيها منه، ومساندة أهلها وأصدقائها لها أثناء فترة مرضها، والتى نتمنى من الله عز وجل ان يتم عليها شفائها ، ويعفو عنها وعن كافة المرضي، انه ولى ذلك والقادر عليه.
 
«عين وصابت صدرك لماهو على طول عريان..السترة حلوة ...الله يشفيك»
 
هذا التعليق السخيف الذى تعلوه نبرة متهكمة فى المرض، علقت به احدى المشاهدات للفيديو فى دلالة واضحة على «شماتة» فى مرض لم يكن بيد الفنانة وغيرها ان تبتلى به ، بل هو اختبار من الله عز وجل، ولحظات امتحان صعبة لا تفرق بين فنان أو سياسي أو حتى شحاذ، فكلنا متساوون فى المحنة، وكلنا شركاء فى الانسانية.
 
ولكن، هل ضمنت الناقدة المعيبة، هى نفسها ان تنجو من ابتلاء مثل هذا؟
 
منذ أيام ليست بالبعيدة، صدمنا ايضا بتعليقات شامتة فى وفاة الفنانة الراحلة «هياتم» بعد رحلة صراع مع المرض، وقرأنا تعليقات اقل ما توصف به انها «وقحة»، تحسم مصير الفنانة فى الدار الآخرة، وتقسم الرحمات، بصكوك لا شرعية لها، تجاه من يدخل الجنة ومن يدخل النار، من عاقبه الله بالمرض من وجهة نظرهم، ومن امتحنه الله به وفق وجهة نظرهم ايضا، وفى نهاية الامر وفى كل الاحوال هو محنة يمر بها ابن ادم على اختلاف جنسه ولونه ودينه.
 
«الشماتة» بالمصائب التي تقع للغير مرض نفسي قذر، يتنافى مع الرحمة التى يفترض أن تسود بين البشر جميعا، فالنبى صلى الله عليه وسلم - رغم إيذاء أهل الطائف له- ، لم يدعو عليهم بالهلاك، وقد خيره امين الوحى جبريل فى ذلك، ولكن قال فى نبل وسمو خلق «لا ، بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئا» ثم تسامى فى النبل والكرم فدعا لهم بالهداية والمغفرة، فكيف باختبار وارادة ربانية حدثت لانسان أن تكون معرضا للهزل والتعالى وادعاء الافضلية.
 
لا شماتة فى المرض أو الموت، فهما جنديان من جنود الله، وهذه ارادته ومشيئته، ولهذا فهى سلوك عدوانى، يزيد الضغينة، فلا اعتقد مطلقا انه يوجد بيننا، من هو ببعيد عن اختبار المرض، كما انه من المستحيل فى المطلق، ان يبقي بيننا واحدا مخلدا ابد الدهر.
 
الاعزاء (مقسمو الرحمة، وضامنو الصحة، وضامنو الحياة المخلدة).. عليكم بانفسكم، فربما كانت ذنوبكم، بظنكم النزاهة والبراءة من العيوب، تحتاج استمرار التوبة والغفران، لا تلقوا بالا بمرض غيركم أو موته، فكلكم آتيه يوم القيامة فردا، وسيسألكم عما اسلفتم واغتبتم، واعترضتم على قضاءه فى خلقه، بشماتتكم من عباده.
 
لا ندرى من يسبق من الى النهاية، من يشيع من، ومن يعود من، كلنا ضعفاء بين يدي رحمة الله، مهما برزت قوتنا، ومهما كانت ثقتنا فى ايماننا، وصلاتنا، والتزامنا، فلا نعلم ما جنت أيدينا وألسنتنا ونسيناه او تناسيناه، درجات الفضل والرحمة فى علم الله وحده، ونرجو الله ان نكون ممن رقق قلوبهم لغيرهم، فشاركوهم الامهم وامالهم.
 
سلامات حبيبتنا اليسا