دستور التوبة


إسلام حامد 

ايام مباركات، تهفو اليها القلوب والنفوس، ويقدم فى سبيلها المشتاق، كل ما يمكن طمعا فى الغفران، وفى جنان الرحمن، ولم لا، فهى مطهرة الذنوب، وماحية العيوب، وساقية الأرواح والقلوب.

ويحمل موسم الحج، معنى الغاية والوسيلة، فهو غاية من حيث انتظاره والشوق اليه، والفوز بفرصته، ووسيلة للمغفرة والوقوف المجرد بين يدي رب العالمين عز وجل. 

لاحظت على مدى سنوات مضت فى دائرة بعض من اعرفهم، أن من يذهب الى آداء الفريضة بنية التوبة والاقلاع عن ممارسات سيئة، سرعان ما ينسي ما ذهب لأجله واعتزم نسيانه والاقلاع عنه، وبعد فترة من عودته يعود لارتكاب تلك المخالفات والسلوكيات السيئة بشكل أكبر وأوقع. 

ففلان ذهب الى الحج وهو يعتزم رد حقوق أبناء أخيه الايتام التى سلبها منهم عنوة، وبالفعل يشرع بعد عودته فى اتخاذ اجراءات رد الحق، ولكن سرعان ما تخفت عزيمته ويعود إلى سيرته الاولى، بل ويهددهم بالتنكيل بهم. 

وفلان آخر يذهب للحج وهو يعتزم الاقلاع عن التدخين، وبالفعل يلتزم بهذا طوال ايام الحج، ولمدة أيام وشهور قليلة بعد الحج، ثم رويدا رويدا يعود لسيرته الاولى مدخنا شرها. 

وفلانة تذهب لاداء الفريضة، وقد كانت تمارس اعمال السحر المؤذى لجاراتها واقاربها، وحالما تعود تلتزم بعض الوقت ثم تعود الى سيرتها الاولى، وتنسي رويدا رويدا توبتها، وتعود للاذى باشرس الطرق.

وغيرهم .. نماذج كثيرة لممارسات سيئة جاهلة، يعتزم أصحابها الحج للتطهر منها، ولكن بعد ذهاب الفرحة والانتشاء بالحجة، يذهب كل هذا سدي، ويعود الانسان الى سيرته الاولى كاذبا، نماما، مؤذيا لغيره، آكلا لحقوقه، خائضا فى عرضه، مستبيحا المحرمات.

ربما أنا أكثر الناس ذنبا وحاجة فعلية للتوبة والمغفرة، واتمنى ألا أحج يوما مرائيا بين العباد بهدف أن يقال: «الحاج فلان ذهب»، «الحاج فلان جاء»، ولكن ادعو الله اذا اذن لى بالفريضة العظيمة أن تؤثر فى سلوكى للأفضل، وأن تغير من سلبيات حياتى للأحسن.

غفر الله لنا جميعا ذنوبنا، وثبت عزيمة حجيج بيته الحرام على دستور التوبة والمغفرة. 

اللهم آمين