فوائد أسطورية لحليب أنثى الحصان.. وإجازة شرعية من علماء الدين

رولا الجوهرى


الـ«قوميس» أو حليب أنثى الحصان.. تعتبر وجبة غذائية متكاملة، يتناولها المواطنون في كازاخستان وبعض دول وسط آسيا، لكنك لن تجد تلك الشهية في باقي دول العالم، خصوصًا في المنطقة العربية ودول جنوب شرق آسيا المسلمة، الذي يقبلون على حليب الأبقار والجاموس وأحيانًا الإبل.
 
مزارع شاسعة المساحة

وفي كازاخستان يتناول المواطنون حليب أنثى الحصان بعد تخميره على شكل لبن رائب في الأغلب، وأحيانًا يشرب في حالته الطبيعية بعد غليانه، فيما يتم في حالات أخرى استخراج الزبدة منه بعد تخميره، وبدأ أهل تلك المنطقة التي كانت من قبل مقر حكم جنكيز خان، شرب لبن الحصان منذ مطلع القرن التاسع عشر، كبديل لألبان الأبقار، حيث تتوافر حاليًا مزارع ضخمة للخيول، وتضم مليونين من أنواع الخيول في مناطق السهوب المختلفة، على طول المساحات الشاسعة التي تشغلها كازاخستان في منطقة وسط آسيا، حيث تعتبر تاسع أكبر دول العالم من حيث المساحة والدولة الإسلامية الأكبر، والتي توازي في مساحتها دول أوروبا الغربية بكاملها. 
 
وعلى الرغم من تميزه بخصائص صحية مفيدة جدا، إلا أن الـ"قوميس" كما يطلق الكازاخ على لبن أنثى الحصان،  غير شائع الاستخدام خارج منطقة وسط أسيا، رغم أن فوائده الصحية متعددة، كما أنه يعد علاجا مهما وطبيعيا في بعض المناطق حتي الآن.
 
ثروة قومية في كازاخستان

وفي عام 2016 أعلن وزير الزراعة الكازاخي، أصيل خان ماميت بيكوف، عبر صفحته على "فيس بوك"، أن الحليب المجفف من 100 ألف من الأفراس يمكن أن يباع بنحو مليار دولار سنويًا، ما يشكل ثروة قومية في كازاخستان، وقال الوزير: "لذا فإن المشروب الوطني للبلاد يمكن أن يصبح موردا رئيسيا لعائدات التصدير بالغة الأهمية في الوضع الحالي"، ويحمل منتج حليب الخيل المجفف الاسم التجاري "ساوميد"، إلا أن عملية تصدير هذا الحليب، تعتبر عملية محفوفة بالمخاطر، بسبب مشكلة الشحن والتصدير لمسافات طويلة حيث يتعرض للفساد بصورة سريعة، ولا يتحمل البقاء لمدة طويلة بسبب تخميره، الأمر الذي يجعل منه طعما لاذعا وحاذقا. 
 
وقد اعتمدت عدة مصحات في شتوتجارت الألمانية حليب الخيول لإرضاع الأطفال، فيما تستخدم العديد من مستشفيات الولادة في فرنسا حليب فرس الحصان كبديل لحليب الثدي، لزيادة قوة ومناعة الأطفال حديثي الولادة خاصة حديثي الولادة المبتسرين.
 
وفي الوقت نفسه، أثبت أحد الباحثين المنغول، برسالة دكتوراه إلى جامعة فرنسية، بالدليل والحجة أثبت وجود عناصر كابحة لارتفاع ضغط الدم، واحتواءه على نوع من البروتينات يسمى Casiens بنسبة مقاربة لما هو موجود منه في حليب الأم، فيما ترتفع هذه النسبة في حليب الأبقار لتصل إلى 80%. 
 
 
بيع حليب أنثى الحصان
 
وأكدت الباحثة السودانية مروة طاهر أحمد، أن حليب الفرس يحتوي على نسبة قليلة من البروتين والدهون مقارنة بالألبان الأخرى، وأن خصائصه الفيزيائية والكيميائية تجعل منه الأفضل للأطفال مقارنة بالألبان الأخرى، وأنه يحتوي على نسب عالية من المضادات الحيوية وفيتامين سي وعنصر الحديد.
واستخلصت الباحثة عبر دراسة قامت بها وقدمتها إلى جامعة الخرطوم، أن حليب الفرس هو الأقرب لحليب الأمهات وبديل مناسب له، لا سيما مع الأطفال الذين يعانون الحساسية من حليب الأمهات.

فوائد كبيرة لحليب الحصان

وتشير الكثير من المصادر الطبية إلى أهمية فوائد تناول حليب الفرس، الذي يعتبر ليس بأقل قيمة غذائية من حليب الأبقار، حيث أكدت الدراسات أن حليب الحصان يحتوي علي العديد من العناصر الغذائية مثل فيتامين A وفيتامين B وفيتامين E ، وتتواجد تلك الفيتامينات بنسبة أكبر في حليب الحصان عن حليب الأبقار، كما يحتوي حليب الحصان أيضاً علي البوتاسيوم والحديد والكالسيوم والماغنسيوم وكل هذه المعادن تتميز بفوائدها الصحية للإنسان، إضافة إلى البروتينات والأحماض الدهنية (أوميجا 3 وأوميجا 6)  والكربوهيدرات .
 
يُسهل من عملية الهضم
 
 
حليب الأفراس مناسب للأشخاص الذين لديهم حساسية لحليب الأبقار أو يعانوا من حساسية اللاكتوز، كما يحتوي حليب الحصان علي بروتين الكازين أقل من حليب الأبقار ، وهذه النسبة القليلة من بروتين الكازين التي توجد في حليب الحصان تجعله أسهل في عملية الهضم عن حليب الأبقار، ولعل هذا هو السبب وراء استخدام الأطفال والبالغين الذين لديهم صعوبات في هضم حليب الأبقار أو حساسية اللاكتوز أو لديهم حساسية من حليب الأبقار لحليب الحصان .
 
كما يحتوي حليب الحصان علي ليزوإنزيم ولاكتوفيرين التي تمنع نمو البكتريا الضارة في الجهاز الهضمي، فضلا عن كونه مقاوم لكافة أنواع التسمم المعوي، وحالات الإسهال، ولالتهابات القرحة المعوية، كما يعزز مقاومة فيروس التهابات الكبد، ويساعد في تفتيت حصى الكلى، ويعمل على وقاية الرئتين من الالتهاب، ويقاوم تداعيات حالات البرد الشديدة، ويقوي جهاز المناعة، وخفض ضغط الدم. 
 
 
حليب أنثى الحصان

وتستخدم بعض الدول حليب الحصان كمشروب للطاقة، فيما تعتبر خميرة "قوميس" عبارة عن مضاد حيوي، كما يعالج أمراض الجهاز التنفسي والسل والسعال والاسقربوط وفقر الدم والأمراض المزمنة للقناة الهضمية، والوقاية من تصلب الشرايين والأمراض المرتبطة بها، ويعزز النقص في الفيتامينات، ويزيد في الشهية ويحسن الهضم، ويمنح النضارة للوجه والبشرة ويغطي صفرة الخدين المقعرين، ويجدد خلايا الجلد وإبطاء الشيخوخة حيث يحتوي علي اللاكتوفيرين، ولديه قدرة مؤكدة على علاج المشاكل الجلدية مثل الإكزيما والصدفية والإلتهابات الجلدية وحب الشباب.
 
شرعية تناوله
 
أما من الناحية الشرعية وفيما هل يجوز أم لا تناول "قوميس" أو حليب الفرس؟، وفي ذلك اختلف أهل العلم، فذهب رأي الجمهور إلى جواز ذلك، فيما يرى بغير ذلك ولا يجوز تناوله مذهب المالكية، والراجح ما ذهب إليه الجمهور، لما جاء في الصحيحين وغيرهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل، ولما رواه مسلم عن أسماء بنتِ أبي بكر رضي الله عنهما قالت: "نَحرنا على عهد رسولِ اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم فرسا فأكلْناه ونَحن بالمدينة"، وما جاز أكلُه يجوز شرب لبنه من باب أولى؛ لأنَّ اللَّبن متولّد من اللَّحم فيأخذُ حكمه، لما رُوي عن جابر رضي الله عنه قال: "سافرْنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وكنَّا نأكُلُ لَحم الخيْلِ ونشرَبُ ألبانَها".
 
شهادة الشيخ طنطاوي
 
يقول أحد الكازاخ إن الإمام الأكبر الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الراحل، ذهب إلى كازاخستان وقت أن كان في المسئولية، وهناك عرضوا عليه لبن أنثى الحصان، فأجاز تناوله وأكل لحمه.