«فوكاك» للصين ولمصر


إسلام حامد
 
هناك استفادة بالغة ستحققها مصر بمشاركتها في قمة منتدى «الصين- أفريقيا» «فوكاك»، مطلع سبتمبر المقبل، في وفد رفيع المستوى يرأسه الرئيس عبد الفتاح السيسي، فالصين كانت وما زالت ترغب في الانفتاح على القارة الأفريقية، وطرق أبواب استثماراتها الخصبة، عبر البوابة المصرية نتيجة الموقع الجغرافي المتميز والمكانة الإقليمية الكبرى للقاهرة. 
 
كما ترغب مصر أيضًا في زيادة التعاون الاقتصادي مع الصين، ولهذا تضع أهدافًا وأولويات لتلك المشاركة المهمة، في تعزيز التعاون الاقتصادي مع التنين العملاق، واستغلال ذلك في الانفتاح بشكل أكبر على القارة الأفريقية، وزيادة التعاون مع دولها.
 
في الأساس تقوم أهداف السياسة الخارجية الصينية تجاه القارة الأفريقية على مبادئ حسن النية والصداقة، والمنفعة المتبادلة، والتعاون المشترك، ودعم التبادل المشترك، وتعزيز مبدأ المعاملة بالمثل، والتقاسم العادل لعوائد التنمية.
 
والناظر إلى الجوانب التي تحكم العلاقات الصينية ـــ الأفريقية، يجدها تتعدد بشكل كبير، وهو ما كان أساس نمو فكرة تأسيس المنتدى الصيني ـــ الأفريقي للتعاون (FOCAC).
 
ولهذا فإن المنتدى يهدف لوضع خارطة طريق للمستقبل، والتعاون الاقتصادي بين الصين والدول الأفريقية، وتعزيز الاتفاق حول مبادرة الحزام والطريق والتي تعزز من التعاون المشترك بين الجميع.
 
ولمشاركة مصر في المنتدى أهمية بالغة لأنها ستعمل على رسم مسار تنمية العلاقات المستقبلية بين البلدين الصديقين، وتحقيق تعاون متبادل وتنمية مشتركة، كما يساعد في التنسيق بين مبادرة الحزام والطريق وأجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة، وأجندة الاتحاد الأفريقي 2063.
 
ولهذا نجد أن الصين تسعى أيضا خلال هذا المنتدى الهام، للاستفادة من المزايا التي تتمتع بها مصر ومن بينها السوق الضخمة التي تضم قرابة 100 مليون متعامل مع المنتج الصيني، فضلًا عن أنها بوابة لملايين المستهلكين في أفريقيا.
 
ومن هنا فإن الفوائد التي ستعود من توثيق العلاقات مع الصين تتمثل في أوجه استفادة متعددة منها، أن إقامة شراكة إستراتيجية بين مصر وبين ثاني أكبر اقتصاد في العالم ستمهد الطريق لكثير من المشروعات التي تضع بها مصر أقدامها كدولة محورية فاعلة في الاستثمار الأفريقي.
 
وكذلك فإن الإسراع في إقامة مشاريع لوجستية ومناطق لخدمات السفن والصناعات المتعلقة بالنقل البحري على طول محور قناة السويس يعظم الاستفادة من طريق الحرير ومحور قناة السويس الجديدة في تنشيط حركة التجارة الدولية.
 
وتظل مصر ركنا أساسيا في إستراتيجية الحزام والطريق، للتعاون العربي - الصيني، كونها من الدول المؤسسة للبنك الآسيوي للاستثمار والبنية التحتية، وكانت أول دولة عربية تقيم علاقات مع جمهورية الصين الشعبية، عام 1956، وأصبحت نموذجا وقدوة وقائدة للعلاقات المتميزة، بين الصين والدول العربية والأفريقية.
 
العلاقات بين القاهرة وبكين شهدت تميزا وتطورا مستمرًا على مدى العقود الماضية وأثبتت هذه العلاقات قدرتها على مواكبة كافة التحولات الدولية، لأن الدولتين تنتهجان سياسات العمل من أجل إحلال السلام، والدعوة إلى إقامة نظام دولي سياسي واقتصادي منصف وعادل قائم على احترام خصوصية كل دولة وإمكانياتها، كما تتمسك الدولتان بمبدأ عدم التدخل في شئون أي دولة، والسعي لحل النزاعات عبر الطرق السلمية.
 
مصر ستكون هي المنفذ الرئيسى للصين باتجاه القارة السمراء، وسيدعم ذلك أنها تحتل كذلك موقعًا إستراتيجيًّا على الطريق الذي يربط تجارة الصين بالقارة العجوز أوروبا، ولذا فإن هناك مصلحة صينية أساسية في دعم العلاقات مع مصر.
 
ويتلخص مما سبق أن هذا المنتدى فرصة واعدة لتدعيم وتوثيق العلاقات بين البلدين الصديقين، كما أن كافة الشواهد الاقتصادية والسياسية والتاريخية تؤكد على أهمية تدعيم تلك العلاقة، فلكل دولة منهما مميزات جاذبة تشجع على تطوير العلاقات، حتى إننا نستطيع القول إنها ترقى الآن إلى مرتبة العلاقات الإستراتيجية، لبلدين يمتلكان ميراثًا حضاريًّا ضاربًا في عمق التاريخ.