عصفورين بحجر واحد


 بقلم: شيرين سيف الدين  
 
للفن دور كبير في تنمية النظام الأخلاقي،  وتهذيب النفس الإنسانية ، ولا يقف عند تحقيق متعة للإنسان ، بل يَنْفُذ كذلك إلى أعماقه ليوائم بين أمزجته فيحفظ له اتساق كيانه الداخلي ،  ومن الجميل أن تهتم الدولة بإقامة مهرجانات فنية تساعد المواطن على الخروج من روتين الحياة والارتقاء بذوقه الفني .

أشعر بسعادة بالغة عند مشاهدتي أو حضوري لحدث فني على أرض مصر بلد الفنون منظم بشكل جيد يليق بها ، وقد اختتم مؤخرا مهرجان القلعة الدولى للموسيقى والغناء فى دورته الـ27 تحت رعاية وزارة الثقافة ، والمهرجان يعد من الإحداثيات الثقافية والفنية الهامة والممتعة حيث تقام فيه عروض لفرق دولية وحفلات لكبار الفنانين مما يساعد في إثراء الحالة الفنية العامة وزيادة الجذب السياحي .

إن حضور مثل هذه الفعاليات يعد عنصرا مساعدا في الخروج من حالة الضغط التي يعيشها الانسان في الزمن الحالي ويذهب به لعالم آخر يفصله عن الواقع ، فمكان إقامة المهرجان وحده مبهر وخيالي حيث يقام في قلب قلعة صلاح الدين الأيوبي ذلك المكان الأثري العظيم الذي يحمل في طياته عبقا لتاريخ عظيم ، ويتم إضاءة القلعة بالكامل بشكل بديع ، كما أن هناك عناية واهتماما باختيار العروض والفنانين ، ومثل هذه المهرجانات تعد أمرا صحيا وعلاجا نفسيا ومن أفضل أساليب تعديل سلوك المواطن وتحويله بشكل تلقائي من الانجذاب لما يسمى بفن (وما هو إلا تلوث سمعي وبصري) للاستمتاع بالفن الراقي والهادف .

يتميز مهرجان القلعة بسعر تذكرته المغري للحضور ، فسعر التذكرة  ١٥ جنيها فقط ، وهو ما سيشجع الأسر والشباب من مختلف الفئات على الذهاب والاستمتاع بما يقدم فيه ، ولكن هل هذا السعر مجد أو مربح أو حتى يغطي تكلفة المهرجان بالطبع لا ؟ وهل مثل هذا الثمن للتذكرة عادل لتقدمه الدولة للقادر وغير القادر ؟ بالطبع أيضا لا ، وبما أنني من أنصار فكرة المكسب المزدوج ودائما ما أدعو إليها فأعتقد أنه من الأجدى أن يتم تقسيم الحفلات لفئتين فئة بالسعر البسيط لغير القادرين ، وفئة للقادرين الذين يدفعون أضعاف هذه الأسعار في الحفلات الخاصة  .

ويرغب الكثير منهم في حضور مهرجان بقوة وجمال مهرجان القلعة لكن سعر تذكرته الزهيد يجعلهم يعزفون عن الذهاب خشية وجود أعداد كبيرة وإزدحام وما يؤدي إليه من سوء تنظيم للحفل ، لذا وبما أن هناك حفلتين يوميا فمن الأفضل أن تكون هناك حفلة مدعمة بسعر الخمسة عشر جنيها،  وحفلة( vib) أو مميزة بسعر أعلى وليكن من ١٠٠ جنيه إلى ٣٠٠ جنيه بحسب مكان الجلوس .

وبهذا تكون الجهة المنظمة للمهرجان قد ضربت عصفورين بحجر واحد ، أولهما الفائدة النفسية والثقافية للمواطن وخاصة محدود الدخل والمحروم من مثل هذه النوعية من الحفلات وإدخال نوع من البهجة على حياته  ، وثانيهما المكسب المادي من القادرين الراغبين في التواجد في هذا المكان والمشاركة في الحدث وهم على أتم استعداد لدفع مبلغ أكبر مقابل الحصول على خدمة مميزة  .

لن أمل من تكرار الدعوة لتطبيق مثل هذه الفكرة لقناعتي إن مسألة تقسيم أسعار أي خدمة تقدمها الدولة لفئات سعرية مختلفة تعد فكرة مجدية كمورد دخل مساعد في الإنفاق على الحدث أو الخدمة نفسها ، وبالتالي تقديمها بشكل أفضل والحفاظ عليها .

أتمنى أن تدرك الدولة قيمة فكرة المكسب المزدوج وأن تبدأ في تطبيقه على أرض الواقع وكلي يقين أن جدواه ستكون كبيرة وفي صالح الجميع .