فن قضاء الحوائج


بقلم: إسلام حامد

«إن في قضاء حوائج الناس لذة لا يَعرفها إلا من جربها، فافعل الخير مهما استصغرته،،، فإنك لا تدري أي حسنة تدخلك الجنة». 

كررتها على مسامعى زميلتى الصحفية هناء قنديل، التى تحمل على كتفيها دائما، عاتق قضايا المهمشين والمعوزين، المحتاجين، فتنبش عن همومهم داخل زواياهم الضيقة ، وبيوتهم التى هى فى الاساس شقوق، يقبع بين ثناياها، الفقر والمرض والعوز.

لربما اختلف معنى قضاء الحوائج لدى الكثير من الناس، فمنهم من يحسبه على السعى فى افضلية فى وظيفة، أو الترقية، او الحصول على عائد اضافى، فما بالك بمن لا يجد أصلا قوت اليوم أو جنيهات العلاج، ويستغيث من داخل احد اركان غرفته المتواضعة اسفل سلالم منزل ان يسمعه اى احد، ان يصل صوته الى مسئول، أن يأتى بأرغفة من الخبز لاطفاله، او بحقنة مسكن لالامه، دون اهانة أو توسل، فقط يحتاج من يسمعه. 

ولربما لا نستشعر النعم التى من الله بها علينا الا عندما ننظر لمن هم أشد فقرا وعوزا واحتياجا، فنرى أنعم الله واضحة جلية لا تحتاج الى برهان أو دليل ونحن نعيشها ونلمسها واقعا. 

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِلَّهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا عَنْهُمْ وَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِم"ْ .

حكاية وراء كل باب نراها فى عيون الناس، كل لديه همومه، حزنه، احساس الوجع، احتياج الى اليد التى تمسح الدموع وتخفف الالام، التى ترفق، وقد قست الظروف. 

فهذا نموذج من الاف النماذج لسيدة عجوز اعرفها عن قرب سالتها صحتها وعن علاجها، فقالت: بطلت أخده يابنى بقى غالى بيحتاج ١٠٠ جنيه فى الشهر والمعاش كله ٤٠٠ جنيه. فيادرتها مستغربا ليه يا امى؟ تتعبي اكتر كده، فردت على : لو رحت له هارتاح عنده اكتر هو عنده الستر وحنين علينا، وقدر الله لها بفضل الله من يسر لها التكفل بالعلاج الشهرى مدى الحياة، فتبدلت كسرتها الى فرحة وياسها الى أمل. 

وذاك نموذج اسماء الفتاة ذات 25 ربيعا والتى تعانى الفشل الكلوى وعدم وجود مصدر دخل لها وهى تقول: "الفقر تمكن منا لدرجة أني ساعات وأنا رايحة اغسل بيبقى نفسي آكل، وأنا على ماكينة الغسيل ولو قرص طعمية، ولأن بيني وبين ربي عمار، أفاجأ بأنه يسخر لي من يحقق لي تلك الأمنية".

فن زراعة وبث الأمل فى نفوس البشر، فن تلبية الحاجات، لا يتقنه الكثيرون، أن ترى فاقد الحياة والجدوى منها، يهوى فى براثن الفقر والمرض وتكالب الهموم، ثم يسقط اليه من السماء من ينتشله من كل هذا الركام ، بكلمة طيبة، ومساعدة، وابتسامة مشجعة على تجاوز المحنة والالم.

لنتكاتف قدر المستطاع فى قضاء حوائج "المحتاج فعليا"، بكلمة أو مساعدة أو تيسير سبيل، طالما نقدر ونعتزم ان عملنا هذا كله خالصا لوجه الله الكريم العظيم ، لا نبتغ من خلفه جزاء او شكورا الا المغفرة والرحمة.

تحية من القلب لكل حاملى هموم الناس، وبايديهم ترياق الحياة لكل مبتلى فى نفسه وجسده .