صدقة السر


بقلم: شيرين سيف الدين 

ما أجمل العطاء وفك ضيق المحتاج، وما أجمل الشعور بمساعدة الغير، محظوظ هو من وهبه الله حب الخير والرغبة في تفريج كرب البشر ومحظوظ أكثر من وهبه الله السبيل والقدرة المادية على مساعدة غيره، ولو علمنا جميعا أن حاجتنا للتصدق أكبر بكثير من حاجة من يتلقاها لما استكثرنا مالا ولا جهدا ولا ابتسامة قد تسعد الآخرين وتعينهم .

لكن الحذر كل الحذر من خلط النوايا، فلكل شيء شروط والهدف الأسمى والوحيد من التصدق أو العطاء يجب أن يكون مساعدة المحتاج وإدخال البهجة والسرور على حياته ومحاولة أخراجه من الضيق إلى أوسع الطريق وأن تكون الصدقة لوجه الله فقط ، وألا يكون الهدف هو التباهي والإذلال فالعطاء الخَيِّر الحقيقي لا يتبعه منا ولا أذى .

شعرت بحزن وحنقة شديدة مؤخرا حين شاهدت منشورا على موقع "فيس بوك" لحقيبة ومقلمة يبدو عليهما طباعة بإسم الجمعية الخيرية التي قامت بتقديمهما لإحدى الطالبات، وقد أخفت الطفلة إسم الجمعية المتبرعة وقامت بمحاولة تظليلها كي تبدو حقيببة مُشتراة وليست مُتَبَرع بها من قادر لغير قادر .

أي كسرة نفس هذه التي شعرت بها الفتاة وحاولت إخفائها، وهل يجوز للمتبرع أن يلحق تبرعه بالمَن والإعلان عن تبرعه وإلحاق الأذى النفسي بمتلقي التبرع وفضحه أمام الغير؟، وهل يجوز له كشف ستره أمام الآخرين وقد يكون ممن نحسبهم أغنياء من التعفف مع أن خير الصدقة هي ما تقدمها اليد اليمنى ولا تعلمها اليد اليسرى؟!

رجاءً .... رفقا بهؤلاء المحتاجين وخاصة الأطفال، فبقدر ما ننادي بالتكافل الاجتماعي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الكثيرين، بقدر ما نطالب أيضا القادر الذي يساعد الآخرين بأن يكمل جميله ويجعل صدقته صدقة سر قدر الإمكان، وإن كانت مساعدته لقريب أو شخص يعرفه فمن الأأدب والأرحم أن يقدمها بشكل خفي إن استطاع كي لا يقلل من شأن متلقيها أثناء تعامله معه فيما بعد، وألا يتسبب في خلق نظرة انكسار في عينه وقت اللقاء، والطرق كثيرة لمن يريد المساعدة لأجل المساعدة بالفعل لا لأجل التفاخر والتباهي، ومن يريد الثواب فعليه بطريق الصواب.

وفي النهاية ليس أفضل من التذكرة بأن الراحمون يرحمهم الله .