طفلك لم يكبر بعد!


بقلم: آية ابراهيم 

ينير هاتفى برسالة جديدة أنظر بلامبالاه إلى الهاتف أجدها منهُ فأنتبه..
 
-أيمكننى الاتصال بكِ؟ هناك شيء هام أود اخبارك به!
 
- ولما ليست رسالة؟
 
-الأمر لا يُجديه محادثة الكترونية 
 
- اتصل وقتما تشاء
 
يرن الهاتف في نفس اللحظة، أتساءل بشيء من الحزم، ما الأمر الهام الذى تود اخبارى به؟
 
يتلعثم في الكلام فأضحك بفِهم..
 
أعلم أن الأمر ليس مهم، هو يعلم أنه ليس هناك أمرًا من الأساس، نضحك ضحكة كلانا يعلم معناها
 
أحاول أن تمر المكالمة بسلام دون أن تؤذيه كلماتى كالعادة أو يفعل هو..
 
يقول أن صوتى يمنحه شعورًا جيدًا،أتجاهل كلامه بينما أدرك أنه فقط في حاجة إلى ذلك الشعور، أستمتع بضحكاته التى لا تنقطع عند سماع صوتى، ضحكات طفولية تُنسينى مرارة أحداث كثيرة، يحادثنى في اللاشيء وأرد بلا شيء أيضًا ثم أصمت فيسترسل: حتى صمتك أستمتع به..
 
أقول في نفسي، منتهى العبث أن يستمد شعور جيد من شيء أوشكت صلاحيته على الانتهاء، تمامًا مثلى. 

أحاول أن أنهى الحديث بينما يُلاحقنى بسؤال آخر فأعود للنقاش ، يعرف كيف يجذب انتباهى كما يفعل الاطفال مع أمهاتهم، لديه الكثير من الحيل لفعل ذلك..وأنا أخضع بالفعل لتلك الحيل ربما لأن ذلك يروقنى احيانًا.

هو يعلم أنه لا فائدة من محاولاته في اصلاح ما انكسر بداخلنا..

كذلك تخطينا سؤال من الذي تسبب فيما وصلنا إليه !

كلانا يعلم أنه الجارح والمجروح في آنٍ واحد..
 
لا بأس لقد بتنا كُتابَا موهوبين، نستطيع أن نقدم أحزاننا كعمل أدبى عظيم، كلمات مُنمقة، بلاغة في التعبير، يتفوق كلٌ منا على الآخر في تشبيهاته، نستطيع أن نكتب ونرتجل ونسترسل أمام بعضنا لساعات، يقرأ البعض كلماتنا بإعجاب والبعض يقرأوها فيبكى، أما نحن فنقراها و نضحك..نضحك على خيباتنا كما نضحك على سذاجتنا عندما نتذكرخلاف اشتد بنا منذ أربع سنوات لم يكن يستحق كل ذلك الغضب وقتها، بالكاد لا نتذكره الآن..
 
أعترف هو مُلهمى كثيرًا؛ وأنا ملهمته دائمًا -هكذا يقول-  وقد كانت تلك أحد امنياتى يومًا أن اكون ملهمة لأحد حسنًا تحققت إحدى أمنياتى لكن أمنيتنا الكبرى في أن تكتمل قصتنا لن تحقق، لازالت القصة لم يُكتب لها نهاية بعد..

ربما في روايتى الأولى سيكون أحد أبطالى، وفي إحدى قصصه سأجدنى بين السطور..و لن يدرك أحد ذلك سِوانا، قد يكون مضى عشر سنوات وأنا منشغلة بحياتى الروتينية وأسرتى الصغيرة و هو أيضًا وقد يكون لديه طفلة لها نفس اسمى، سنتذكر كل ذلك للحظات ونضحك ونمضى إلى حيث ألقت بنا الأقدار..
 
لازال على الهاتف يتحدث في اللاشيء وتلك الأفكار تتلاحق في رأسي، أرد على كلامه قدر المستطاع بينما منشغلة بأفكارى، ينقطع الصوت فجاة لكن المكالمة مازالت مفتوحة فأدرك أنه نام وهو مُمسكًا بالهاتف، أغلق المكالمة وأنا أبتسم؛ شيء ما بداخلى يقول " طفلك لم يكبر بعد"!