عزيزي الموظف!


بقلم: أشرف ضمر 
 
أيًا كانت وظيفتك، وأيًّا كانت درجتها، عليك أن تعي تمامًا أنك مجرد موظف، مفعول به لست فاعلًا، أنت آلة، لا صاحب الآلة، مهما طورتَ من نفسك وحققت نجاحات مبهرة وعظيمة في وظيفتك، الأمر كله لا يعدو عن «تزييت» تروس الآلة لتؤدي أفضل وتنتج أكثر، لا تحاول خداع نفسك بمهاراتك الفائقة أو ذكائك الحاد، فأنت في النهاية موظف، أنت متورط في هذه الدائرة التي لا فكاك منها إلا بمغامرة، أو مقامرة، سمها ما شئت لكن لا تحاول الهروب من بؤسك بالاستقلال، الحرية في تلك الحالة باهظة الكلفة فادحة الثمن، الحرية في حالتك بمثابة انتحار صرصور في حفرة نار، لذلك وبناء على كل ما تقدم عليك أن تجتهد لإثبات صرصوريتك الناجحة وانبطاحك المثالي وتأقلمك النموذجي مع دورة التروس وضجيجها.
 
عزيزي الموظف!
اعرف حقوقك وواجباتك، أنت مكبل بالواجبات والمواعيد والمهام ومطالبٌ بالإنجاز والعمل تحت ضغط دون أن تفقد ابتسامتك اللعينة، مطالب أن تعمل- مع الحاقدين وغير الأسوياء- بروح الفريق، مطالب أن تُعبِّد الطريق بوقتك وجهدك وتفانيك وصبرك ومثابرتك وأعصابك ودمائك ليمر صاحب الآلة دون أن يلتفت إليك، وحقوقك- لو لم تلتزم بدورة التروس، النموذجية- ستضيع عليك ويخصم منها وسوف يماطلك صاحب الآلة في إعطائها لك، مهما قمت بتزييت التروس بإتقان بعد ذلك ولن ينسى لك مطالبتك أبدًا.
 
عزيزي الموظف!
لا تتأخر، لا تمرض، لا تضعف، لا تبكِ، لا تشكُ، لا تتذمر، لا تتحرك بعيدًا عن مجال دورة التروس، لا تدخن أو تأكل أو تشرب أثناء العمل، لا تضحك بصوت عال أو تحث جلبة من أي نوع، لا تطالب بزيادة، ضروري جدًا ألا تطالب بزيادة، فكل أصحاب الآلات يخسرون ولا يربحون أبدًا عند سماعهم هذا الطلب تحديدًا، لذا لا يُنصح بطلب زيادة،.. وبديهي- وبطبيعة الحال- لا تمُت!
 
عزيزي الموظف!
فكر ألف مرة قبل طرق باب صاحب الآلة، الجحيم في انتظارك بعد كلمة: "أدخُل"، مهما كنتَ على صواب فأنت مخطئ، لن يقتنع ولن ينبهر ولن يبدي تعاطفًا إنسانيًا مع مطالبك، حتى إن ابتسم في وجهك، يمجرد انصرافك سيطلب ملفك فورًا ويمسك عدسة مكبرة يسلطها على أصغر أخطائك ليواجهك بها أمام الجميع، ويحصرك في زاوية المدافع عن نفسه، وسيجعلك تمعن النظر في حقوقك التي وضعتْك أمامه في موقف مخزٍ يدعو للخجل ويدفعك لتحسس صرصوريتك الأثيرة.