ضحية «تختة»!


بقلم: هبة شكري

مجموعة صور تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعى أمس، مع انطلاق العام الدراسي، حملت فى باطنها الاسي، أكثر مما حملت ظواهر السخرية، وخاصة بعدما ذهب اليوم الثاني للدراسة ويحمل فى دفاتره، روح ملائكية ارتقت إلى السماء، نتيجة الصراع القاتل على «التختة الأولى».

تابعت بكل حالات الاسي والضجر كأم تخاف على أطفالها من نسمة الهواء الباردة، حادث مصرع تلميذ في الصف الثالث الابتدائي بمدرسة فى محافظة الدقهلية، بسبب تدافع التلاميذ أثناء الدخول لحجز المقاعد الأولى داخل الفصول، وتبين أن سبب الوفاة هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية ، بعد تدافع زملائه ودهسهم له.

لا أعلم كيف كان وقع تلك الصدمة القاتلة على الأبوين، وقد تمنيا فى تلك اللحظة أن يفتديا ابنهما الصغير بالتعليم وبالمال وبأى شئ غالى ونفيس فى سبيل الحفاظ على حياته، حتى لو كان سيظل بلا تعليم ، ولهو أهون من فقدان حياته بسبب هدف «لاشئ».

هل ستحوله التختة الاولى الى مستقبل مختلف عن زملائه فى الفصل؟، هل السبب هم الاهل؟، هل وهل وهل؟، أسئلة كثيرة والنهاية والنتيجة ضحية بريئة لم تجن شيئا الا دفع ثمن الفوضى وغياب الوعى لدى الاهالى، وسوء التنظيم لبداية السنة الدراسية من قبل إدارات المدارس.

تقول وزارة التربية والتعليم انه لا توجد آلية بعينها محددة من الوزارة تُحدد من يجلس بالتختة الأولى، لكنها أمر تقديري للمدرس والمدرسة، وتشير إلى عُرف عادة ما يؤخذ في الاعتبار بالنسبة للمقعد الأول، مثل التلاميذ ضعاف البصر، وأصحاب القامات القصيرة، وذوي الأجسام الصغيرة.

وترى الوزارة ان نظام التعلُم النشط ألغى مفهوم «التختة الأولى» وهذا النظام المُطبق على رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي يجعل التلاميذ يجلسون على شكل دوائر أو مربعات أو حرف L لكي ينتبه المعلم للجميع.

وعن نفسي بادرت منذ اليوم الاول للدراسة، بتنبيه ابنائي لعدم التصارع مطلقا مع زملائهم على المقاعد والجلوس فى أى ترتيب يصلون إليه، وعدم الدخول فى اى مهاترات على هذا السبب التافه، وفى حال وجود اى مشكلة بسبب هذا الترتيب يمكن الشكوى الى المدرس، وهو من يقوم بدوره بنقلكم الى مكان متقدم.

مشاهد فجة تدل على أن هؤلاء الأطفال هم ضحايا عقليات ابوية عقيمة جاهلة ، تربي فى ابنائها التعود على مخالفة القوانين والنظم، وخوض ما يعرض حياتهم للخطورة فى هذا السن الصغير، مثل تسلق المواسير، والتسلق بالسلالم الخشبية، و«دهس» زميلهم وقتله! .

لا يجب أن نحمل المدرسة وحدها المسئولية عن هذه المشكلة، ولكن بنسبة كبيرة تتحمل الاسرة مسئولية توجيه الطفل للعنف، فى سبيل الاستحواذ، والاقتناص، متجاهلة ان الهدف لم يكن ابدا التعليم فقط، لأنه بدون التربية «لاشئ».

هذا الطفل سيكبر وتنمو داخله عقيدة الانانية والتسابق «المذموم» على أى شئ حتى لو كان وهميا، فهذا الطفل هو ذاته الذى سيتخطى اى طابور ونظام، وهو من سنراه يتجاهل احترام كبار السن فى المواصلات العامة، وهو نفس الطفل الذى ربما يسرق وينصب ويدلس ويغش فى سبيل تحقيق أحلامه بسرعة «الشعبطة على المواسير» .

فقط ورجاء ساعدوا المدرسة على القيام بدورها وربوا أولادكم على ان احترام النظم والاصول والالتزام حتى لو كان يبدو صعبا فى أوله، إلا أن فائدته ستجنيها الأسرة كافة بالعلاج الباتر لهذا السلوك البشع المسمي «الأنانية» ....  اتركوا «حلم التختة الأولى» المزعوم.