الرحمة يا ستات


سارة أحمد عمران

موقف قاسي استفزنى اليوم للغاية، من داخل عربة السيدات فى المترو، وهذا الموقف Hثار حنقتى وغضبي وغيظى على قدر تبلد المشاعر الذى أصبحنا نعيش فيه، وقدر عدم الاحساس من الاخرين، بل والاستخفاف بمشاعر كائن ضعيف ، كانت كل طموحاته فى هذا العالم «كرسي بجوار الشباك». 
 
طفل صغير من ذوي الاحتياجات الخاصة مع والدته داخل العربة الغير مزدحمة نسبيا مقارنة بباقى أوقات اليوم، وفجأة وجدنا هذا الطفل يصرخ بشدة وبطريقة هستيرية، وهو يشير الى كرسي معين بجوار الشباك، يريد الجلوس عليه فى تصميم والحاح رهيب، وكلما حاولت والدته تهدئته فشلت فى هذا تماما، بل يزداد تصميمه على هذا الكرسي بالذات . 

المشهد المقابل كان لفتاة جامعية تجلس على هذا الكرسي المُراد وتنظر الى تشبث الطفل وصراخه ومحاولات والدته اسكاته ، وهى تأكل ساندويتش، فى حالة برود متناهية دون أدنى شفقة بحالته أو حالة والدته أو حتى المساعدة فى اسكاته واسترضاؤه بالقيام ولو حتى لمدة دقيقة، وإجلاسه أو اجلاس والدته المرهقة والمتعبة.

ماذا جرى لنا، وماذا جرى لقلوبنا، لقد هزمنا الاحجار فى قسوة القلوب وشدتها على الاضعف منا، وهذا ليس الموقف الاول الذى يحدث فى عربة السيدات تحديدا، فكم من مواقف تجاهل لكبار السن، و«حجز» كراسي للاطفال، فضلا عن الجلوس على أرضية العربات فى محاولات «الشبحنة» واحتجاز اماكن عريضة تسع الكثير من السيدات، بهدف «التربيع» و«الرحرحة».

الرحمة يا سيدات، الرحمة والرفق، عربة السيدات فعليا تحتاج الى مدونة سلوك انسانى تبين كيف نرفق ببعضنا، ولا يصل بنا الحال ان نجبر سيدة مثقلة الهموم مثل والدة هذا الطفل ان تتحسر على انعدام الرحمة، أو موتها فعليا فى قلوبنا، «الرحمة يا ستات وبلاش رحرحة».