بعد أن قدمت نحو 16 مليار دولار مساعدات للشعب اليمني

السعودية تتوج نجاحاتها في مجال العمل الإنساني باستضافة أكبر مؤتمر لمانحي اليمن

إسلام حامد


على الرغم من الأجواء الدولية المعبأة بتبعات تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، فإن المملكة العربية السعودية لم تتغافل كعهدها دائما عن تقديم كافة أوجه الدعم والمساندة للشعب اليمني الشقيق، حيث تُشكل مسألة تلبية الاحتياجات الأساسية لجمهورية اليمن الشقيقة أولوية لدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-.
 
وانطلاقًا من الدور الرائد للمملكة العربية السعودية بوصفها أكبر المانحين الدوليين لليمن، تبدأ اليوم فعاليات مؤتمر المانحين الافتراضي لليمن 2020م في مدينة الرياض، والذي تنظمه المملكة العربية السعودية بالشراكة مع الأمم المتحدة وبمشاركة ما يزيد عن 126 جهة منها 66 دولة و15 منظمة أممية و3 منظمات حكومية دولية وأكثر من 39 منظمة غير حكومية، بالإضافة إلى البنك الإسلامي للتنمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
 
ويهدف المؤتمر إلى رفع الوعي بالوضع الإنساني في اليمن والدعوة لمساهمة المجتمع الدولي لتلبية خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2020، ودعم الاحتياجات الإنسانية الملحة هناك. ومن المقرر أن تساهم المملكة العربية السعودية بمبلغ 500 مليون دولار في خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لليمن، منها 25 مليون دولار لمكافحة فايروس كورونا المستجد ".
 
وتعكس العلاقات الاقتصادية المتميزة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية حرص المملكة دوماً على تنمية الاقتصاد اليمني ودعمه وإيجاد بيئة استثمارية تخدم مصلحة البلدين الشقيقين، وتأتي في إطار أكبر وأوسع بما يخدم مصالحهما المشتركة ويحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.
 
وتشير تقديرات رسمية إلى أن المملكة العربية السعودية قدمت أكثر من 16 مليار دولار من المساعدات التنموية والإنسانية لدعم اليمن، تشمل ما قدمته المؤسسات والمراكز السعودية الخيرية والانسانية من مئات البرامج، وعلى رأسها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي نفذ 474 مشروعاً في 21 قطاعاً بالجمهورية اليمنية معتمدة على معايير الإنسانية وعدم التحيز والتقيد بالقانون الدولي الإنساني، وذلك منذُ إنشائه في مايو 2015م وحتى شهر أبريل 2020.
 
وبلغ عدد المشروعات التي نفذها المركز للقطاع الصحي 211 مشروعًا، و90 مشروعًا لقطاع الأمن الغذائي، و26 مشروعًا نفذت في مجال دعم وتنسيق العمليات الإنسانية، و21 مشروعًا في التعافي المبكر، و27 مشروعا في قطاع المياه والإصحاح البيئي، و29 مشروعًا في مجال الإيواء، و21 مشروعًا في الحماية، و15 مشروعًا في القطاع التعليمي، و7 مشاريع في الخدمات اللوجستية، و7 مشاريع أخرى في التغذية، ومشروع واحد في الاتصالات في حالات الطوارئ، فضلاً عن 20 مشروعًا في قطاعات أخرى.
 
ولا يقتصر الدعم الذي قدمته المملكة للأشقاء في اليمن على توفير الغذاء والمساعدات الإنسانية لملايين المستفيدين من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وحسب، بل يتم تنفيذ العديد من البرامج والمشاريع والمبادرات من خلال البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في 7 مجالات وهي الصحة والتعليم والطاقة والنقل والمياه والزراعة والثروة السمكية، التي كان من شأنها دعم الاقتصاد وتثبيت الأمن والاستقرار وتوفير فرص العمل للأشقاء اليمنيين. حيث اشتملت تلك المشروعات على 18 مشروعًا صحيًا، و45 مشروعًا تعليميًا و30 مشروعًا في قطاع المياه و26 مشروعًا في قطاع المباني الحكومية و23 مشروعًا في قطاع النقل و20 مشروعًا في قطاع الطاقة و13 مشروعًا في قطاع الثروة السمكية واستفاد منها مئات الآلاف من الشعب اليمني في عدة محافظات يمنية.
 
وتحظى الجهود الإنسانية التي تقدمها المملكة في اليمن بتقدير دولي كبير، لا سيما مشروع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لنزع الألغام في اليمن "مسام" الذي نجح حتى الأن في نزع 167.303 لغمًا قامت المليشيات الحوثية المارقة بزراعتها في الأراضي والمدارس والبيوت في اليمن وحاولت إخفاءها بأشكال وألوان وطرق مختلفة راح ضحيتها عدد كبير من الأطفال والنساء وكبار السن سواء بالموت أو الإصابات الخطيرة أو بتر للأعضاء. كما يتبنى المركـز مشـروعًا لإعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين في النـزاع المسلح باليمــن، وهــو مشــروع ســعودي إنسـاني نوعـي، أنطلـق مـن محافظة مأرب في سبتمبر 2017م.
 
وعلى مدى السنوات الأخيرة قامت المملكة بإيداع مبلغ ثلاثة مليارات دولار أمريكي كوديعة في حساب البنك المركزي اليمني، وذلك في إطار تعزيز الوضع المالي والاقتصادي في الجمهورية اليمنية الشقيقة لاسيما سعر صرف الريال اليمني، كما واصلت دعمها لاقتصاد الأشقاء في اليمن عبر تقديم 200 مليون دولار منحة للبنك المركزي للمحافظة على قيمة الريال اليمني ودعم اقتصاده.
 
وبينما تكرس إيران كافة جهودها للعمل على زعزعة الاستقرار في اليمن وتدمير بنيته التحتية باستخدام ذراعها المتمثل في جماعة الحوثي، فإن الوجود السعودي باليمن يرتكز على تدعيم أركان الدولة اليمنية وتعزيز تماسكها ووحدة أراضيها، وتقديم الدعم الإنساني لكافة أبناء الشعب اليمني الذي يعاني من جرائم وانتهاكات مليشيا الحوثي الإرهابية.
 
ومنذ انقلاب ميليشيات الحوثي الإرهابية، الذراع الإيراني في اليمن على الشرعية الدستورية، تكبد الاقتصاد اليمني خسائر أثرت على التنمية وتسببت في انهيار العملة الوطنية مما رفع معدلات التضخم، وأدى إلى تدهور الخدمات الاجتماعية وتسبب في اندلاع مآسي إنسانية لا حصر لها.
 
ووفقا للمتحدث الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن العقيد الطيار الركن تركي المالكي فإن الحوثيين تسببوا في الكثير من المشكلات التي تؤثر سلباً وبصورة مباشرة على الاقتصاد اليمني، وفي مقدمتها عمليات النهب المستمرة التي تجاوزت أكثر من 5.2 مليارات دولار وأكثر من 800 مليار ريال يمني يجري تحصيلها من الضرائب في الموانئ التي تخضع لسيطرة المليشيات الحوثية، فيما قامت المليشيا الحوثية المدعومة من إيران بسرقة مليار دولار من المؤسسة العامة للتأمينات في صنعاء.
 
وتسعى المملكة العربية السعودية مع أعضاء تحالف دعم الشرعية باليمن للحد من الانتهاكات الحوثية للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية، كما تبذل المملكة جهودًا حثيثة لتأمين إمدادات الطاقة ومسارات الخطوط البحرية بالممرات الدولية في ظل الأنشطة العدائية التي تقوم به جماعة الحوثي لخدمة الأهداف الإيرانية الساعية للإضرار بالاقتصاد الدولي.
 
ولم يثن انشغال المملكة العربية السعودية بقيادتها العسكرية لقوات تحالف دعم الشرعية في اليمن عن استمرار مساعيها الرامية لإقرار السلام الشامل باليمن، وتمثل هذا الاهتمام برعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في نوفمبر 2019م التوقيع على وثيقة اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بحضور فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، لتكون خطوة مهمة لتوحيد المجتمع اليمني، ومثالاً إيجابياً للتوصل إلى حل وسط ومقبول في ظل الظروف التي يمر بها اليمن.