لا تكرروا مأساة المؤتمر الاقتصادى فى مؤتمر الشباب


بقلم : عماد الدين حسين

أرجو أن يعى القائمون على أمر مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ، تجربة المؤتمر الدولى لدعم الاقتصاد المصرى، الذى انعقد فى نفس المدينة وربما نفس القائمة فى منتصف شهر مارس ٢٠١٥.
السياسة الجيدة هى التى تتعلم من الدروس القريبة والبعيدة، ولا يعقل أن نكرر الخطأ مرتين وفى توقيت قريب!!.
 
أتمنى من كل قلبى أن ينجح هذا المؤتمر المهم الذى يبدأ غد الثلاثاء، بحضور رئيس الجمهورية وعدد كبير من كبار المسئولين ونحو ٣٠٠٠ شاب، لكن التمنى يحتاج إلى ما يترجمه على أرض الواقع.
 
تجربة مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى قبل أكثر من عام ونصف، تقول إن رؤساء وملوك ورؤساء وزارات ووزراء خارجية واقتصاد وتخطيط وشخصيات عامة وكبار رجال الأعمال والمستثمرين والإعلاميين من سائر بلدان العالم، حضروا هذا المؤتمر.
بعضهم خصوصا رئيس الوزراء الإيطالى ووزير الاقتصاد الإسبانى، قالوا شعرا فى مصر ودورها وحضارتها وضرورة التعاون معها لدحر الإرهاب وتنمية الاقتصاد.
 
بلدان الخليج الرئيسة أعلنت يومها عن ضخ ١٢ مليار دولار منحا ومساعدات وودائع وتسهيلات فى شرايين الاقتصاد المصرى.
كبريات الشركات العالمية، تحدثت عن مشروعات عملاقة بمليارات الدولارات.
 
أثناء انعقاد المؤتمر وعقب نهايته، صدرت غالبية الصحف ووسائل الإعلام المصرية تتصدرها أخبار المشروعات الضخمة، والاستثمارات غير مسبوقة المقبلة، ولذلك كان طبيعيا أن يتصور الكثير من المواطنين المصريين، أن أنهارا من المن والسلوى سوف تتدفق على مصر والمصريين.
 
أذكر يومها أننى كنت فى المؤتمر وركبت مع سائق تاكسى فى شرم الشيخ، وكان شديد «الفرح والانبساط والصهللة»، وقال لى ما معناه «أخيرا سوف تعود أيام شرم الشيخ إلى طبيعتها».
 
ما حدث لاحقا كان سوء حظ منقطع النظير، بعدها بأيام قليلة، اندلعت الحرب فى اليمن، وصار جزء كبير من الموارد الخليجية موجها للمجهود الحربى، تفاقمت الأزمة الاقتصادية العالمية، زاد خطر داعش والارهاب فى المنطقة خصوصا ليبيا وسوريا والعراق، ثم جاءت الضربة الكبرى بإسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء التى أوقفت السياحة تقريبا، إضافة إلى العوامل الخارجية التى لا نتحكم فيها، كان هناك عامل محلى أيضا هو سوء الأداء الحكومى المصرى الذى تعامل مع نوايا الشركات المبدئية باعتبارها استثمارات مضمونة، والإعلام كان مقصرا إلى حد ما فى عدم التفريق بين «فرح العمدة» والاستثمارات الفعلية، على أرض الواقع، والنتيجة أنه باستثناء بعض الاستثمارات فى مجال إنشاء محطات الكهرباء، فلم يكن هناك استثمار حقيقى، وبالتالى أصيب كثير من المصريين بصدمة هائلة وإحباط منقطع النظير، جعلهم يتشككون وأحيانا لا يصدقون أى مشروعات أخرى حتى لو كانت حقيقية!.
 
لماذا أسرد كل هذا الأمر المعروف للجميع؟!. لسبب بسيط لكنه جوهرى وهو ضرورة عدم تكراره فى أى مجال آخر لاحق، خصوصا المؤتمر الشبابى الذى سيبدأ غدا.
نريد نجاحا بسيطا محدودا لكنه حقيقى أفضل مليون مرة من الحديث عن وعود وكلام عاطفى مجرد، لن يصمد كثيرا على أرض الواقع.
 
علينا أن نناقش المشكلات بهدوء وواقعية، وأن نجد لها حلولا فعلية بدلا من الغرق فى الشعارات الكبيرة.
قد يسأل البعض، وما هى الحلول الفعلية التى تضمن نجاح المؤتمر؟.

هذا هو حديث الغد إن شاء الله.

نقلا عن "الشروق"