لا صوت يعلو صوت السوشيال ميديا!!


بقلم : آية إبراهيم

في الكلية التي أدرس بها،كلية الأداب قسم الإعلام بجامعة عين شمس، دارت أمامي مناقشة في إحدي محاضرات الصحافة بين أحد مدربي الصحافة وزميلتي بالقسم حيث كانت تتحدث بكل ثقة عن الدور الذي يمكن أن تقوم به الصحافة في المجتمع وكيف أن الصحافة سلطة رابعة..ليرد عليها بنبرة ساخرة “ده كان زمان دلوقتي السوشيال ميديا هي السلطة الأولي في مصر”، لفتت كلماته انتباه الحاضرين بينما ضحك البعض عليها، لكنها استوقفتني للحظات جعلتني أفكر فيما قال، هل أن سلطة الصحافة التي كنا نسمع عنها منذ عهود تدنت لدرجة أن تعلوها سلطة السوشيال ميديا أم أنها اختفت من الأساس؟،و إن كانت اختفت بالفعل فلمن يُطبع كل هذا الكم من الجرائد اليومية المتنوعة والتي تُوزع في جميع أنحاء الجمهورية؟.
 
بالطبع لازال للصحافة جمهوراً عريضاً من عامة المثقفين الذين يحرصون كل يوم علي شراء العدد الجديد من الجريدة أو المجلة التي يتابعونها ليتفقدوا صفحاتها جيداً مارين علي كل ما بها من أخبار تهمهم وتهم المجتمع ثم يبحثون عن المقال الجديد لكاتبهم المفضل ويتصفحون أخبار الرياضة والفن ومواعيد البرامج التليفزيونية والأفلام السينمائية التي تعلن عنها الجريدة كل يوم ثم يقرأوا “حظك اليوم” من باب التسلية ويختمون تصفحهم بحل لغز “السودوكو”، هؤلاء الذين تعلقوا برائحة الجرائد ولونها المائل للإصفرار.
 
وبالرغم أن الصحافة أصبحت لا تناسب إلا جمهور معين من المجتمع أوله العاملين بالمهنة لطبيعة عملهم ثم جيل من الذين عاصروا الصحافة في أزهي عصورها عندما كانت تشعل ثورات وتؤثر بشكل كبير في المجتمع،
 
وبالرغم من أنني من جيل التكنولوجيا والسوشيال ميديا التي أراها وباءً أصاب المجتمع المصري بكامله إلا أنني أحترم وبشدة ذلك الجيل الذي مازال متعلقاً بأوراق الجرائد وأراه أكثر وعياً وثقافة، يعي جيداً ما يدور حوله وتكونت لديه خلفية ثقافية لا بأس بها جعلته يري الأمور بشكل أوضح أو علي الأقل تحددت أرائه وميوله وأصبح لديه رصيد كافِ من وجهات النظر التي من الممكن أن تكون صحيحة، علي عكس جيل السوشيال ميديا تماماً الذي ينظر إلي قارئ الجرايد علي أنه شخص قديم لا يتابع الوسائل المتقدمة ولا يستطيع التعامل مع تكنولوجيا العصر، دون أن يلتفت إلي أن السوشيال ميديا لا تصنع مثقفاً ولا تصنع مناضلاً سياسياً ولا شخصاً واعٍ بل بالعكس تصنع شخصاً ينظر إلي الأمور بسطحية ويتخبط في أراء متناقضة وأحياناً أراء غير صحيحة بالمرة حتي أنه لا يستطيع أن يحدد وجهة نظر سليمة في قضية ما،
 
انظروا كم الشائعات والأكاذيب والأخبار المغلوطة التي تنتشر علي الفيس بوك يومياً كذلك الأحاديث والفتاوي الدينية الضعيفة والتي تـفسر أحيانا بشكل خاطئ ومع ذلك ينساق ورائها جمهور كبير دون أدني وعي أو جهد في البحث عن أصل تلك المعلومات، والغريب أن الأغلبية وأنا منهم أجمعوا أن السوشيال ميديا ليست مصدراً موثوق منه في أي شئ وإنها ليست بمواقع تواصل إجتماعي علي الإطلاق بل يمكننا أن نقول عنها مواقع تفرق أسري وانعزال اجتماعي إلا أننا مازلنا مُصرون علي تضييع وقتاً طويلاً من يومنا في تصفح تلك المواقع دون أدني هدف أو فائدة، علي سبيل المثال قل لي ما فائدة أن تعرف ماذا كتب فلان اليوم ومن يشعر بالحزن ومن يشعر بالقهر ومن يشعر بأنه محسود رغم أنه لم يفعل شئ يُحسد عليه من الأساس!!
 
ومن يغازل حبيبته كاتباً عنها”بنت قلبي، و، بنت دين الحب”، من أين جاءت هذه التعبيرات؟ أراهم يدعون إلي دين جديد !!.
 
ومن ناحية أخري الصفحات الإجتماعية والسياسية والساخرة التي ما إن تجد خبراً لا يستحق أن نلتفت له، لتحوله إلي خبرً ينتشر في كل صفحات الفيس بوك وكأنه مانشيت في صحيفة قومية، ويلاقي أعلي نسبة من الإعجابات والمشاركات، ولأننا شعب ابن نكته لا نجد خبر مهم إلا وقمنا بتحويله لكمية رهيبة من الكوميكس وأفشات الأفلام ونجعله مادة للسخرية تدور في شتي الصفحات، ”أعتقد أننا نستحق أوسكار أحسن بلد تعمل كوميكس علي أي حاجة و خلاص” . ومع كل هذا العك البشري في السوشيال ميديا إلا أنها أصبحت السلطة الأولي في مصر كما قال أستاذي عنها مجازاً ليعبر عن مدي تأثيرها علي المجتمع، ولازلنا نتساءل لماذا نعيش في مجتمع مُتأخر دوناً عن كل المجتمعات المتقدمة.