أحلام صغيرة جدا


فاروق جويدة
 
خرج إلى الشارع وليس في جيبه سوى جنيه واحد وهو يعانق ابنه الصغير وقال له لقد شاهدت في إعلانات التليفزيون شيئا يسمى الشيكولاته عايز منه.. ضحك الأب ومضى إلى حال سبيله ودار في الشوارع حتى وجد أمامه سوبر ماركت كبير في احد أحياء الجيزة دار قليلا في المحل وقبل أن يخرج من الباب مد يده واخذ قطعة شيكولاته وحيدة من الرف ووضعها في جيبه وقبل أن يخرج بها كانت الكاميرات قد التقطت الجريمة بكل تفاصيلها خرج المسئولون عن المحل وتم استدعاء الشرطة التى جاءت على المحل ووجد الرجل نفسه مقيدا داخل سيارة الترحيلات ومر على ضابط القسم الذى استجوبه ثم وجد نفسه أمام وكيل النيابة.. 

ثم أحيل إلى المحاكمة أمام القضاء بتهمة السرقة.. لم يسأل احد عن حجم السرقة هل كانت سيارة أو خزنة في احد البنوك أو مرتبات الموظفين في إحدى الإدارات الحكومية أو سيارة محملة بالملايين من الجنيهات كما يحدث في سيارات نقل الأموال.. 
إن المهم في القصة أن الابن أراد ان يحلم مثل كل الأطفال وحاول أن يشاركه أبوه هذا الحلم فطلب أن يشترى له شيكولاته.. لم يطلب كيلو أو نصف كيلو ولكنها قطعة واحدة فقط وعاد الأب بدونها وبدلا من أن يسأله الطفل ماذا فعلت دخل إلى اقرب ركن في عشوائيته الصغيرة وظل يبكى حتى سمع أذان الفجر فقام يصلى ووجه وجهه للسماء.. 

اللهم أشكو إليك ضعفى وقلة حيلتى وهوانى على الناس سأله ابنه الصغير أين الشيكولاته اخذ الأب يهمهم اسأل ضابط الشرطة ووكيل النيابة وأصحاب السوبر ماركت كان من الممكن أن يأخذوا رأس الجريمة ويتركونى بلا اتهام ولكنهم أصروا أن يكسروا نفسى وان أدور بين القسم والنيابة حاملا هذا العار اننى يا بنى لص كبير بينما خرج جميع اللصوص الكبار فى مواكب البراءة.. إن الملايين التى طارت لتسكن بلادا أخرى لا تعنى أحدا..انا يا بنى السارق واللص الوحيد في هذا الوطن..لماذا حلمت يا بنى وأوقعتني في هذه الجريمة أنت لم تذق طعم الشيكولاته وأنا لم أذق طعم النوم.
 
نقلا عن صحيفة ” الأهرام”