تحليل يؤكد انحسار ظواهر الارهاب بفضل الضربات الامنية

أدهم على


خلال ساعات قليلة من اليوم الجمعة 14 يوليو 2017، وقع بمصر هجوم إرهابي بمحافظة الجيزة على إحدى سيارات الشرطة أسفر عن استشهاد 5 من أفرادها، كما وقع اعتداء بسلاح أبيض على سائحين بأحد المنتجعات السياحية بمدينة الغردقة أدى إلى سقوط ضحيتين ألمانيتين وإصابة 4 آخرين، كلهم من الأجانب.

وأعدت الهيئة العامة للاستعلامات، بيانا تحليلا بما حدث اليوم من حوادث إرهابية.

أولاً: الهجوم على الشرطة
 
تشير الإحصائيات الخاصة بالعمليات الإرهابية في مصر خلال الأعوام الأربعة الأخيرة إلى أن قوات الشرطة كانت هي الهدف الأبرز في الهجمات الإرهابية بجانب القوات المسلحة.
إلا أن الهجمات الإرهابية على قوات الشرطة ومقراتها وبالرغم من استمرارها، فهي قد شهدت تغيراً ملموساً خلال العامين الأخيرين، تمثل في عجز التنظيمات الإرهابية عن المضي في سياسة استهداف مديريات الأمن وأقسام ومراكز الشرطة، بعد التفجيرين الكبيرين اللذين أصابا مديريتي أمن الدقهلية والقاهرة عامي 2013 و2014. وقد انتقلت المجموعات الإرهابية إلى الهجمات بالعبوات الناسفة في شمال شرق سيناء أو بالأسلحة النارية في بقية أنحاء الجمهورية، على الدوريات الأمنية الثابتة أو المتحركة.
ويعكس هذا التغير عدداً من الدلالات والنتائج، أبرزها:
 
**  تزايد قدرة الشرطة المصرية على حماية مقارها من مديريات أمن وأقسام ومراكز وإدارات، والتي تصل أعدادها إلى عدة مئات والعاملين بها لعشرات الآلاف، مما أوقف قدرة المجموعات الإرهابية على مهاجمتها بالعبوات أو بالعمليات الانتحارية أو بالأسلحة النارية.
 
**  أنه بالرغم من وقوع عديد من الهجمات الإرهابية على الدوريات الأمنية الثابتة أو المتحركة، فإن عددها المحدود بالقياس إلى الألاف من هذه الدوريات التي تتمركز أو تجوب أنحاء البلاد يومياً، يؤكد التراجع والضعف الملحوظين في القدرة البشرية والتسليحية للمجموعات الإرهابية بفعل الضربات الأمنية المتلاحقة، وينفي ما يشاع ويعتقده البعض من تهديدها الجاد للأوضاع الأمنية في مصر.
 
** أن التوزيع الجغرافي للهجمات الإرهابية على الدوريات الأمنية الثابتة أو المتحركة، يشير إلى أنها لا تشمل غالبية مناطق الجمهورية، بل تنحصر في شمال شرق سيناء حيث المجموعات الإرهابية التابعة لداعش، وبعض المناطق بالقاهرة الكبرى وبخاصة في أطراف محافظتي الجيزة والقليوبية وهي معروفة تاريخياً بوجود نشاط تنظيمي لجماعة الإخوان وحلفائها من الجماعات الإرهابية الأخرى .
 
** أنه في الغالبية الساحقة من الهجمات الإرهابية على الدوريات الأمنية الثابتة أو المتحركة، نجحت الشرطة في القبض على مرتكبيها وتقديمهم للقضاء الذي أصدر أحكامه بالإدانة عليهم.
 
ثانياً: الاعتداء على السياحة

قبل التطرق إلى التحليل العام للاعتداءات على السياحة في مصر خلال السنوات الأخيرة، يجب التوقف عند نقاط مهمة تتعلق باعتداء الغردقة الذي وقع اليوم:
**  أن سلطات التحقيق لم تعلن بعد نتائج استجوابها للمعتدي الذي ألقي القبض عليه، ودوافعه لارتكاب الاعتداء وما إذا كان ذا طبيعة إرهابية أم لا.
**  لفتت بعض المصادر النظر إلى أن الضحيتين من الأجانب المقيمين بالغردقة حيث تعملان، وهو ما سوف يكون له محله في التحقيقات ودوافع الاعتداء وطبيعته.
 
** أن الاعتداء تم في منتجع سياحي بوسط المدينة وملاصق لأحد الشواطئ العامة من حيث أتى المعتدي سباحة، وهو ما يعكس أمرين:

الأول، عدم قدرة المعتدي على دخول المنتجع بصورة طبيعية نظراً للتأمين المشدد على كافة القرى والمنتجعات السياحية بمحافظة البحر الأحمر خصوصاً ومصر عموماً.

والثاني، أن الغالبية الساحقة من نحو 260 قرية ومنتجع سياحي بمحافظة البحر الأحمر، تقع في مناطق شاطئية خاصة تتمتع بقدر كبير من الحماية الطبيعية والتأمين الشرطي.
 
** أن وقوع هذا الاعتداء بالسلاح الأبيض كسابقة الذي وقع في الغردقة عام 2016 ولم يوقع أي قتلى، يشير إلى أنها وقائع فردية نادرة، لا يملك القائمون بها أي إمكانيات تسليحية أو تنظيمية لتنفيذ اعتداءات أكبر.
 
أما عن وقائع الاعتداءات الإرهابية على أهداف سياحية في مصر خلال الأعوام الأربعة الأخيرة، فهي تشير إلى مجموعة مهمة من الدلالات والنتائج، أهمها:
 
-   أن الهجمات الإرهابية على أهداف سياحية في مصر قد تراجعت بصورة كبيرة للغاية منذ عشرين عاماً، حيث وقع الهجوم الإرهابي في معبد حتشبسوت بغرب الأقصر في نوفمبر 1997 والذي أسفر عن 59 ضحية.
 
-  خلال الأعوام الأربعة الأخيرة لم تتعرض السياحة والسائحين في مصر سوى لهجمات محدودة بعضها بالأسلحة البيضاء، أسفرت عن عدد محدود من الضحايا.
 
-  وقعت بعض الهجمات الإرهابية المحدودة في مناطق سياحية، ولكنها استهدفت تمركزات أمنية ثابتة أو متحركة فيها وليس السائحين أو المواقع السياحية وأدى بعضها لخسائر محدودة بينما تم إفشال البعض الآخر، مثلما عام 2015 في معبد الكرنك بالأقصر ومنطقة الأهرامات.
 
-  يعد تفجير الطائرة الروسية التي أقلعت من مطار شرم الشيخ في أكتوبر 2105، هو الهجوم الإرهابي الأكبر خلال السنوات الأربع الماضية، وهو لا يزال محلاً لتحقيقات مصرية وروسية مشتركة. وقد نتج عنه تشديد الإجراءات الأمنية في كافة المطارات المصرية بمشاركة دولية واسعة، وهو ما أسفر عن نجاحات ملحوظة كان آخرها رفع السلطات الأمريكية الحظر على اصطحاب أجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الأجهزة الإلكترونية، بالجزء المخصص للركاب على الطائرات المتجهة للولايات المتحدة لرحلات شركة مصر للطيران، وغيرها من الرحلات الذاهبة إليها من مطار القاهرة.
 
-   أن التراجع الواضح في الاعتداءات الإرهابية على السياحة والسائحين في مصر خلال السنوات الأخيرة، يؤكد ما سبق استنتاجه من التراجع والضعف الملحوظين في القدرة البشرية والتسليحية للمجموعات الإرهابية بفعل الضربات الأمنية المتلاحقة، وينفي ما يشاع ويعتقده البعض من تهديدها الجاد للسياحة في مصر.
 
-  أن مراجعة الهجمات الإرهابية التي وقعت خلال العامين الأخيرين في بلدان مختلفة، وبخاصة في فرنسا عامي 2015 و2016، وفي بلجيكا وتركيا وألمانيا وبريطانيا، تشير إلى أن الضحايا من السائحين الأجانب في هذه البلدان كان كبيراً للغاية، ففي اعتداء نيس بفرنسا كان هناك ضحايا من 27 دولة وفي اعتداء بروكسل كان الضحايا من 11 دولة، بخلاف المواطنين.

ولم تستنتج تحليلات وكتابات جادة لهذه الاعتداءات الإرهابية في تلك الدول، أن هناك تهديداً للسياحة فيها كما يسعى البعض للترويج لهذا فيما يخص مصر.