تقرير للهيئة العامة للاستعلامات عن لقاء «السيسي- فورماجو».. القمة المصرية الأفريقية الخامسة خلال أسبوع

أدهم على


تكتسب الزيارة الحالية التي يقوم بها الرئيس الصومالي محمد عبد الله فورماجو الي مصر أهمية متميزة، تستمدها من شخص الرئيس الزائر، ثم من توقيت الزيارة وطبيعة الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك على قائمة أولويات مصر والصومال في الوقت الراهن، ثم من طبيعة العلاقات المصرية الصومالية بأبعادها التاريخية والجيوسياسية، والعربية - الإسلامية، والاقتصادية - التنموية، وغيرها.
 
أول زيارة للرئيس فورماجو

ووفقاً لتقرير أعدته الهيئة العامة للاستعلامات فإن هذه الزيارة الأولى للرئيس محمد فورماجو إلى مصر بعد انتخابه رئيساً للصومال في 8 فبراير 2017 بعد تأجيل العملية الانتخابية عدة مرات، حيث وصفت السلطات الصومالية انتخابه بأنه "خطوة إلى الأمام نحو الديمقراطية ونحو نظام الانتخاب المباشر الذي من المقرر تطبيقه في الصومال في عام 2020".
 
وتعد زيارة الرئيس محمد فورماجو إلى مصر أيضاً امتداداً لنهج سلفه الرئيس حسن شيخ محمود الذي كان حريصاً علي زياراته لمصر، والتشاور الدائم بين القيادتين المصرية والصومالية، حيث زار الرئيس حسن شيخ محمود مصر
 
أربع زيارات رئاسية عقب تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية، فزار مصر في نوفمبر 2014 لحضور منتدى الشراكة رفيع المستوى بشأن الصومال، ثم قام بزيارة رئاسية ثنائية لمصر في نهاية شهر ديسمبر 2014.
 
وفي لفتة تعبر عن العلاقات الودية بين البلدين، زار الرئيس حسن شيخ محمود مصر في 13 مارس 2015 للمشاركة في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري ثم في 27 من شهر مارس نفسه، زار الرئيس الصومالي مصر على رأس وفد بلاده المشارك في القمة العربية التي عقدت بمصر.
 
وهكذا.. تؤكد زيارة الرئيس فورماجو حرص قيادة البلدين على استمرار التواصل والتشاور على أعلى المستويات.
 
القمة المصرية – الافريقية الخامسة في أسبوع

في الوقت نفسه، تأتي زيارة رئيس الصومال لمصر بعد أيام قلائل من اختتام الرئيس عبد الفتاح السيسي جولته في أربع دول في شرق ووسط أفريقيا شملـت تنزانيـا وروانـدا والجابون وتشاد.. الأمر الذي يشير إلى أن القمـة المصريـة - الصومالية هي القمة المصرية- الأفريقية الخامسة خلال أسبوع واحد، بعد القمم التي عقدها الرئيس السيسي مع قادة الدول الأربع التي زارها خلال جولته.
 
في الوقت نفسه، فإن ما تموج به منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي خصوصاً من مصادر للقلق، وتكالب دولي، ونوازع متضاربة، تفرض على البلدين التشاور والتواصل المستمر بالنظر إلى "الموقع الجغرافي- الاستراتيجي الحاكم" للصومال برياً وبحرياً، و"الموقع السياسي المحوري" لمصر في المنطقة والقارة الأفريقية والشرق الأوسط.
 
ولا شك أن هناك قضايا عديدة ذات اهتمام مشترك للبلدين، في مقدمتها مواجهة الارهاب والتطرف والعنف، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار لدول المنطقة وتأمين الملاحة ومصادر الحياة والتنمية لشعوبها، إضافة إلى التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والتنمية البشرية.
 
تاريخ وجغرافيا

ويؤكد تقرير الهيئة العامة للاستعلامات أن ما يربط مصر بالصومال هو أبعد بكثير من اللحظة الراهنة- زمنياً-، وأعمق من معطيات الجغرافيا، وروابط الهوية العربية- الإسلامية الواحدة، وأوسع من منظومة علاقات التعاون الاقتصادي والثقافي.
 
فالعلاقات المصرية- الصومالية هي محصلة كل ذلك، فمن الناحية التاريخية، تشير صفحات التاريخ إلى أن العلاقات بين قدماء المصريين ومنطقة "بلاد بونت" (الصومال حالياً) تعود إلى زمن بعيد، لعل أبرز أمثلتها عندما قامت الملكة حتشبسوت، خامسة حكام الأسرة الفرعونية الثامنة عشرة، ببناء أسطول بحري قام ببعثات تجارية إلى هذه المنطقة وتبادل معها تجارة العديد من المنتجات والسلع.
 
وفي العصر الحديث، كانت مصر شريكاً مؤثراً في كل مراحل معركة استقلال الصومال وبناء دولته الحديثة حيث امتزجت دماء مصرية غالية بدماء الأشقاء الصوماليين عندما امتدت يد الغدر للاستعمار في 17/4/1957 لتغتال الدبلوماسي المصري المرموق محمد كمال الدين صلاح مندوب مصر في المجلس الاستشاري الصومالي الذي كان مكلفاً بتدعيم أركان الدولة الوليدة في الصومال وإقامة مؤسسات سياسية وحكومية، وهي حادثة أثرت في وجدان الشعبين الصومالي والمصري، وأكدت المصير المشترك في مواجهة قوى الاستعمار والهيمنة آنذاك.
 
ثم كانت مصر في مقدمة الدول التي اعترفت باستقلال الصومال عام 1960، وقدمت كل الدعم والعون للشعب الصومالي الشقيق عقب الاستقلال خاصة في مجالات التعليم والثقافة، حيث توافد المدرسون المصريون وبعثات الأزهـر الشريـف إلى الصومال، بينما واصلت مصر بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر دعمها السياسي لجمهورية الصومال في إطار سياسة مصرية واعية تجاه أفريقيا
 
ومنذ اندلاع الأزمة في الصومال عام 1991 كانت مصر في مقدمة الساعين لإيجاد الحلول وإنهاء القتال، ومن أبرز المحطات على هذا الطريق استضافة مصر العديد من المؤتمرات الخاصة بالصومال بدءاً من مؤتمر القاهرة للمصالحة الوطنية الصومالية عام 1997، وصولاً إلى منتدى الشراكة رفيع المستوى بشأن الصومال في نوفمبر 2014.. وتلاه نشاط الجامعة العربية بمشاركة مصر لدعم جهود الاستقرار السياسي في الصومال.. كما شاركت مصر في كل الأُطر الدولية الخاصة بالوضع في الصومال مثل مؤتمر الخرطوم عام 2006 ومؤتمر جيبوتي عام 2008 وصولاً إلى مشاركة المهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء في مؤتمر لندن حول الصومال الذي عقد يومي 10-11 مايو 2017 بالتعاون بين الأمم المتحدة والحكومة الصومالية والحكومة البريطانية من أجل بحث دعم الاستقرار والسلام في الصومال.
 
في الوقت نفسه، تشترك مصر في عضوية مجموعة الاتصال الدولية المعنية بمكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية حيث تولت مصر رئاسة مجموعة العمل الرابعة المنبثقة عن مجموعة الاتصال وهي مجموعة تختص بدعم الجهود الدبلوماسية ونشر الوعي بشأن ظاهرة القرصنة.. وكانت مصر قد استضافت الاجتماع الثاني لمجموعة الاتصال في مارس عام 2017.
 
علاقات متشعبة

طبقاً لما رصده تقرير هيئة الاستعلامات، فإنه فضلاً عن التعاون السياسي والجوانب الأمنية والاستراتيجية بين مصر والصومال، فإن هناك العديد من الجوانب التعاون المشترك، ففي المجال الثقافي وافق الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2014 على زيادة عدد المنح الدراسية المخصصة للطلاب الصوماليين في الجامعات المصرية إلى 200 منحة سنوياً، كما رحب فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر خلال اجتماعه في عام 2014 مع الرئيس الصومالي - آنذاك- حسن شيخ محمود بتعزيز التعاون بين الأزهر والصومال من خلال استعادة مقرات بعثات الأزهر وتأهيلها لاستعادة دورها في التعليم والدعوة، وكذلك زيادة عدد المنح المخصصة في الأزهر للطلبة الصوماليين في الكليات الشرعية والكليات العملية التابعة للأزهر، كما أشار فضيلة شيخ الأزهر إلى إرسال قوافل دعوية وطبية أزهرية لشعب الصومال تقديراً منه لجهود الشعب الصومالي لإعادة بناء دولته التي دمرتها الصراعات على مدار عدة عقود.
 
وعلى الصعيد الاقتصادي، توجد فرص عديدة لتعزيز التعاون حيث يتحدث الخبراء من الجانبين عن وجود استعداد لدى الجانب الصومالي لتخصيص مساحات شاسعة من الأراضي الصومالية الصالحة للزراعة لقيام شركات مصرية بزراعتها، خاصة وأن معظم مناطق ومدن الصومال آمنة الآن ويمكن انجاز الكثير من أشكال التعاون الزراعي والتجاري لصالح البلدين.