خلي جلدك تخين ياواد واجمد كده !


 
اسلام حامد 
 
"الصبر حلو يا اسلام .. الصبر حلو يابنى .. ماضاقت الا لما فرجت وربك كريم وعالم بالحال وبكره تشوف ربك هايديك من وسع وتضحك على الايام دى وعلى زعلك فيها وعلى انك كنت شايل الهموم من غير داعى ، كله مكتوب ومتقدر لك من قبل ما تتولد ، خلى جلدك تخين يا واد واجمد كده ، وكل مشكلة وليها حل بس انت قول يارب وهو هايفكها من وسع يا حبيبي " . 
 
رنت كلمات جارتى العجوز ذات الاثنين وسبعين عاما فى اذنى وقد كنت واجما اشعر بالضيق والمرارة لبعض الظروف التى تحيط بعملى وحياتى . 
 
كلماتها انارت عقلى مثل لمبة نيون اعادت الضوء الباهر الى مكان مقفر بعد انقطاع الكهرباء لساعات طويلة فدبت فيه اوصال الروح والحركة والامان .
 
هناك كلمات قرأتها سابقا من احد المدونين وتقول : 
 
" هات خيط من اللي بتحطه ف الابره .. ولفُه حوالين صابعك وشد .. هتلاقي عُقلة صُباعك لونها بيبقي احمر وتحس ان الدم هيتعقد .. شد الخيط جامد ! هيتقطع ! ويجري الدم من تاني .. كذلك مهما اتعقدت واتخنقت .. هتُفرج ..  ربنا مخلقش داء الا لما يخلق له الدوا " اعتبر اى حاجة تحصل لك رسالة ليك من ربنا " وبشر الصابرين " خلي جلدك تخين واصيل واجمد ! " ، هات كيلو حديد .. هتلاقي تمنه ٥ جنيه .. هات نفس الكيلو واعمله حدوه لحُصان .. هتلاقي تمنه بقي ٢٥ جنيه .. هات نفس الكيلو واعمله ابر للحُقن ! هتلاقي تمنه ٣٠٠٠ جنيه ! انت اللي بايدك تتحكم ف كل حاجه حواليك وتشخصها بمزاجك .. عيونك عامله زي عيون الجٓمل .. بتشوف كل حاجه كبيره وضخمه .. متديش الامور اكبر من حجمها .. عيش ببساطه .. هيهون عليك ويعوضك ويصبرك .. ـ متعرفش قيمة العسل وحلاوته غير لما تدوق الملح ومرارته !! هاتعدي وتضحك ع الايام دي .. وتعرف قد ايه ربنا كان رحيم بيك .. فلعل ما ترجوه سوف يكون ! .. اجمد بربك .. وتفائل .. انت مصدر سعاادتك .. انت دكتورك النفسااني !". 
 
اتذكر عم نجيب الفلاح الابكم الاصم الذى كان يسير فى شوارع بلدتنا هائما على وجهه بعد ان غدر به اخوته واكلوا ميراثه ، جلست الى جواره فى احدى المرات احدثه : انت عامل ايه "احاول توصيل الكلمات اليه بلغة الاشارة التى لا اجيدها " ، فنظر الى مقبلا يده وش وضهر ... رافعا يديه الى السماء بمعانى الحمد والشكر لله الواحد الاحد متيقنا بعطائه متوكلا عليه . 
 
نظرت الى طعاما كان امامه فوجدت قطعة جبن قديم وخبز مقدد وهو ياكله باستمتاع شديد حامدا ربه شاكرا ما فيه من نعم .
 
عليك اقساط وديون والدنيا مكركبة فوق دماغك ، ومش عارف تتصرف ازاى ، ارفع يدك للسماء وتوسل الى ربك واطلب منه ، فجاة هاتبتدى درجات العطاء تجيلك تدريجيا على هيئة "نسيان المشكلة واستصغارها " اولا ، وثانيا ربنا هايديك أطر للحل على هيئة افكار تجيلك تنور امامك طرق انت ماكنتش واخد بالك منها للحل ، فهتبتدى نفسك تنشرح وتبتسم وتقول " كان غايب عنى ازاى الحل ده؟ " .
 
الثقة ان مش انت اللى هاتحل المشكلة ولكن القوة العظمى مالك الكون ومالكك انت ذاتك ومالك حياتك ، هو من سيدبر امرك ويفرج همك ويسدد عنك مهما طال الامد والاجل ، فاليقين فى الله بيريح النفس حتى لو انت واثق انك فى ستين مصيبة وهم وكرب وغم .
 
بص للسما وكلم حبيبك وخالقك واشكو له همك متوكلا عليه، هاتلاقى حلقة تواصل خفى انت مش شايفها بس هاتجيلك على هيئة طمانينة فى قلبك وراحة فى عقلك ، وامان ان من بيده خزائن الكون لا يعجز عليه شئ فى الارض ولا فى السماء . 
 
واذا اراد شيئا فانما سيقول له :"كن فيكون" 
 
يقول العزيز الحكيم فى محكم التنزيل فى سورة النمل : أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (62)
 
ويقول ابن القيم :" اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمر العاملون، وهو مع المحبة ركنان للإيمان، وعليهما ينبني وبهما قوامه، وهما يُمدان سائر الأعمال القلبية والبدنية، وعنهما تصدر، وبضعفهما يكون ضعف الأعمال، وبقوتهما تقوى الأعمال، وجميع منازل السائرين إنما تُفتتح بالمحبة واليقين، وهما يثمران كل عمل صالح، وعلم نافع، وهدى مستقيم'[ مدارج السالكين 2/397] . 
 
فإذا شعر العبد المؤمن أن الله معه، أن الله سبحانه وتعالى يداويه ويعالجه، أن ربه سبحانه وتعالى متكفل به، فهو إذا توكل عليه، وفوض الأمر إليه، أزاح همه، وأزال غمه، وعالج حزنه ، وكذلك أن يعلم العبد أن هذه طبيعة الدنيا، فعند ذلك يسري الامان فى نفسه بأنه أمر لا بد منه،(موقع الشيخ صالح المنجد).
 
فلك الحمد اللهم على نعمك وعطائك مهما ضاق الحال وتعثرت السبل فالرجاء لاينقطع والرحمة موصولة .