جربها وانت مفلس!


إسلام حامد 

"بدفع 10 كل اسبوع ربنا بيبعتها لى 100 او 1000 ، وكله والله يا صحبي من فيض ربنا".
 
قالها لى صديقي الذى يؤجر احد محلات المحمول ، وهو يحثنى على هذا النوع الرابح من التجارة . 
 
شرحها لي بطريقة مبسطة وسلسة وانا اعلم صدق نواياه فى عدم الرغبة فى المباهاة والحرص على الكتمان ، الا انه لم يبح بهذا الا عندما رأيته مواظبا على الصدقة فى صندوق المسجد المخصص لكفالة الايتام ، ورأى نظرة اندهاش خافية فى عينى ، وانا اعلم انه فى احلك واسوأ ظروفه المادية .
 
انا يا صحبي والله عمرى ما بطلت العادة دى من سنين ،كل يوم جمعة وده غير فرض الزكاة بتاعى ، بعد صلاة الجمعة لازم احط اللى ربنا مقدرنى عليه فى صندوق الايتام او صندوق اعمار المسجد او صندوق زواج اليتيمات ، أى باب صدقة مفتوح بحط اللى ربنا يقدرنى عليه وساعات كتير مش بيبقي فى جيبي غير اللى يروحنى بيتى وانا داخل على عيالى بكيس فاكهة ، والشيطان يقولى الفلوس على قدك ، طنش، عيالك اولى بالفلوس .
 
ورغم الوساوس دى يا صحبي بقاوح وبنفض له وبحط لان يقينى فى ربنا حلو ومريحنى نفسيا ومخلينى متراضي ، ووالله يا صحبي قبل ما بوصل بيتى بيكون ربنا جبر بخاطرى قوووى يا اما فى شغل جالى يا اما جالى خبر حلو فرحنى طول اليوم .. يا اما وهو الاهم " ربنا زاح عنى تفكير فى اى هموم وخلانى رايق جدا حتى وانا مفلس" .
 
والله يا صحبي انا المفروض ماتكلمش فى الحوار ده خالص عشان الثواب بس ساعات كتير بحسك مضايق او مخنوق او زى حالاتى مفلس ، فربنا يسامحنى بقي ونفسي تبقى زيي فى الثواب.
 
والله يا سولوم لما بتنزنق عليا قوى وبيبقي مافيش قرش الا يادوب حاجات بسيطة قوى بتصدق باللى ربنا يكرمنى بيه وهابخل ليه ماهى فى الاصل عطيته وكرمه اداها لى علشان انا وغيري بس انا قادر اكسب .. غيري مش قادر وتعبان .. فبيدينا احنا الاتنين .
 
الرزق بيجيلى مش فلوس وبس .. الرزق بيجيلى فى مشوار ماروحتوش بعيل من عيالى لدكتور واضطريت استلف علشان الروشتة والكشف ، الرزق بيجيلى فى زوجة زى الفل راضية بقليله وكاتمة سر بيتها ومحدش عارف احنا عندنا ايه وعلى لسانها "الخير كتير والحمد لله " ، الرزق بيجيلى فى معصية كنت هاعملها وربنا صرفها عن تفكيري ، الرزق بيجيلى فى بركة ال100 جنيه اللى ممكن تقعد فى جيبي 3 ايام وانا متراضي وبيتى مش حاسس بنقص او ممكن تقعد فى جيبي نص ساعة من غير ما احس بفايدتها ، الرزق بيجيلى فى كوباية شاى وباكو بسكوت اكلهم الصبح وافضل شبعان طول اليوم مش حاسس بجوع ، الرزق حاجات كتير حلوة ربنا بيحطها فى قلبك بتحس حلاوتها بالرضا والطمانينة والسكينة ان مدبر الكون خلقك وعمره ما هاينساك ولا ينسي رزقك ولقمتك .
 
وختم كلامه : صدقنى يا صحبي كل ما تكون مزنوق ومفلس تصدق باللى تقدر عليه حتى لو كان جنيه .
 
لقد قال الله عز وجل فى محكم آياته : قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ ) .

ويقول جل وعلا: وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ... ). وقال سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ).

وورد فى السنة النبوية : { ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً }.

و{ما نقصت صدقة من مال }

والصدقة فيها انشراح للصدر، وراحة القلب وطمأنينته، فقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثدييهما إلى تراقيهما فأما المنفق فلا ينفق إلا اتسعت أو فرت على جلده حتى يخفى أثره، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئاً إلا لزقت كل حلقة مكانها فهو يوسعها ولا تتسع ( فالمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه، وانفسح بها صدره، فهو بمنزلة اتساع تلك الجبة عليه، فكلمَّا تصدَّق اتسع وانفسح وانشرح، وقوي فرحه، وعظم سروره، ولو لم يكن في الصَّدقة إلا هذه الفائدة وحدها لكان العبدُ حقيقياً بالاستكثار منها والمبادرة إليها وقد قال تعالى: وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ.

وهى علاج وشفاء : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حصنوا أموالكم بالزكاة ، وداووا مرضاكم بالصدقة " . 

هى اموال الله وليست اموالنا يعطيها لنا كوننا مجرد امناء عليها ولسنا ملاك لها مجرد وسطاء لغيرنا يصيبنا منها ما يكفى حاجتنا ويقيم اصلابنا.
 
اللهم لك الحمد على نعمك التى لا تعد ولا تحصي