السنوات الافتراضية
كنت أحلم بها فى آتون سنوات المراهقة منذ سن الرابعة والخامسة عشر، وفى ريعان شباب العشرين ان انضم الى ذوى الشعر الرمادى ، الى قائمة الحكماء الذين يعملون العقل ويلتزمون التروى والتفكير قبل اى خطوة واى تصرف برؤية تشخيص لاى أمر وعواقبه ، برؤية جالس على المقهى يحتسي قهوته وشيشته لا يفكر فى ساعات ، لكنه فقط .. يرقب المارة فى صمت ويقدم تحليلا وتفسيرا ووصفا لكل ما حدث فى الشارع فى وقت جلوسه .
قمة جبل العمر الذى تتخذ بعده حياتك الهبوط التدريجي نحو تشطيبات الحياة او "الوش الاخير" بلهجة الصناع ، نحو التفكير في القادم من اجل اولادك ، نحول اهدافك بعد ان تزوجت وانجبت وقريبا فى غضون يذهب اولادك كل الى حال سبيل وتعود منفردا بعد هذا الثراء الاجتماعى فى حياتك .
سن الاربعين
ربما اتشدق بها كثيرا وقد كنت فرحا بها فيما قبلها وازددت صمتا فيما بعدها وقد اصبحت الحياة لها العديد من المعايير برؤية ناقد لجيل باكمله اصبح بينك وبينه فجوة زمنية تحاول ان تلهث لكى تستوعبها ولكن تابي عوائق الزمن ان تضمك الى فلك تلك المرحلة فتتركك وحيدا مقربا من الفئة الاكبر منك سنا ، رغم انه يقال إنه العمر الذي يكون الإنسان قادراً فيه على أن يفهم كل الفئات العمرية ويعايشها ويتحدث بمشاعرها و أفكارها.
بعد ان كنت تمشي مختالا فى الشارع فى شبابك ببعض ما فتح الله به عليك من عضلات الذراعين والصدر منتفخا وانت ترى نظرات الاعجاب التى تظنها تلاحقك ، اصبحت تمشي لا تعبأ بهذا كله تلازمك انحناءة الظهر البسيطة ويتبدل ما فتح الله عليك به من عضلات الى شقيق وتوأم يمشي معك مختالا أيضا وهو "كرشك"المتدلى .
تشعر بها جدا ربما لبعض بياض الفودين الذى يجعل الكثيرون ينادونك بلقب "الحاج" او "عمو" وتستغرب ان ترى من يخاطبك بهذا شبابا فى العشرين .. ولسان حالك : هل تقصدوننى انا بهذا النداء ؟!.
لن يكون الا ما قد كتبه الله لك فى هذه السنوات الافتراضية التى تداهمك ايامها وشهورها لتخبرك انه ربما مضي وقت العمل وجاء وقت السداد والحساب .