تخاريف نص الليل .. الرسالة الأخيرة


آية إبراهيم 

أقسمتُ عليكِ ألا تغيبي و إن غبتِ ألا تُطيلى الغياب، وأخبرتك كثيرًا ألا ترحلي، لطالما كنت كثير العبث بك وبنفسي لكنكِ كنتِ تغفرى عبثي ذلك، كنت طفلك المدلل نعم..أخبرتينى بذلك مرات ومرات.. 

طفلا بين يديكِ وأمام عينيكِ..

تعلمين جيدًا أنني لم أستطيع أن أنظم إليكِ أبيات الشعر كما كنتِ تفعلين معى، ولم أنجح أبدًا في مغازلتك كما تستحقين..

كنت ألهو طوال اليوم كطفل في التاسعة من عمره، ولكني كنت أعود لأحادثك فى نهاية يومي.

كان صوتك كافيًا أن يبعث في نفسي الدفء والأمان فاكتفى بهم و أذهب فى نوم عميق وأنا هادئًا مطمئنًا.

لطالما غالبنى النوم وأنتِ تتحدثين إلىَّ، كان هذا الأمر يُزعجك بشدة، كنت أمزح معك بأنى لا أرغب في محادتك فيزداد غيظك منى و تزداد مشاجراتك معى..لكنى يا صغيرتى لم أخبرك إلى هذا اليوم أن تلك اللحظات كانت أكثر لحظات يومى أمانًا..أن أستمع إلى همس صوتك فتطمئن روحى فأنام.

كل ذلك يا صغيرتي لم أنجح فى إقناعك به يومًا..كثيرًا ما اتهمتيني أني أزاحم عقلك بالكلام..كنتِ عنيدة للحد الذي جعلني أكف عن محاولة إقناعك بمشاعرى تلك..ولكنني كنت على يقين بأنكِ تدركين كل تلك المشاعر..تدركينها جيدًا وأكثر من نفسي.

أتذكر حينما قلتِ أنك تشعرين بي أكثر من نفسي، حسبت ذلك جدارًا من الآمان يحمى مشاعرنا من تقلبات الأيام والقلوب..لا أعلم ما الذي حدث بعد ذلك..أين ذهبتِ وأين ذهبت نفسي بعدك؟

تدرين ماذا فعلت بنفسي ؟!

سرت أتسكع بها في طرقات النسيان..وظننت أنني في طريقي إليه لكن في كل مرة حاولت فيها أن أتخلص من بقاءك في ذاكرتي وجدتنى أعود إليك مُكبلًا بكل ذكرى جميلة منحتينى إياها من قبل.

وكيف لا يحدث معى ذلك وقد كنتِ لي أشياء جميلة ربما لا تعلمين عنها شيئًا حتى اليوم.

كنتِ ولا أدرى كيف أقول كنتِ بصيغة الماضي بعد أن كنت أحسبك ماضىَّ وحاضرى ومستقبلى ولم يخطر ببالى أن ذلك الحب الذي منحتينى إياه يمكن أن ينتهى بداخلك على خطأ ساذج من أخطائى لطالما سامحتينى على أشد منه، يبدو أن رصيدى لديك كان قد نفذ ذلك اليوم.

عذرًا يا عزيزتي إن طالت رسالتى تلك المرة ربما هى الأخيرة..!! ولكن حدثينى عن نفسي قليلًا..أحتاج إلى أن تشرحي لى ما بداخلي كما في السابق..حدثيني كيف أصبحت الشيء وضده معًا؟!

كيف أقول أنى أصبحت أكرهك و بداخلى يقول أني كاذب!!

هل تذكرين عندما قلتِ لى أنت متناقض حد الجنون؟

لم أكن حينها قد وصلت إلى ما أنا عليه الآن من تناقض وجنون حقًا.

أكتب إليكِ رسالتى تلك وأعلم أنكِ لن تُجيبى..ولن تعطى الأمر بالًا..لربما تتركينها على مكتبك يومًا أو يومان حتى تتذكري أن تقرأيها..

لكنى أعدك هذه المرة ألا أُعيد الكتابة إليك مرةً ثانية على أن تعديني بأن تقرأيها بصوتى و بشعوري الذي طال تجاهلك اياه..
اليوم فقط ألقى ما في صدرى من عتاب إليك.. 

سأتخلص من رسائلك القديمة ورسائلى التى لم أستطيع إرسالها إليكِ بعد..وسأمضى بعيدًا ومن ثَم لن أعود..حتى وإن ضللت الطريق بدونك.