غليون الخير .. المشروع القومى لغذاء المصريين

انديانا خالد


ملف أعده :
انديانا خالد ـ انجى باسيلى ـ عمرو ابراهيم 



ـ تكلفة المرحلة الأولى مليار و700 مليون جنيه

ـ تقام المرحلة الأولى من المشروع على مساحة 4000 فدان

ـ يهدف الى القضاء على احد روافد الهجرة غير الشرعية 

ـ عدد العمالة اليومية، خلال المرحلة الأولى 5000 عامل، وفني ومهندس

 مشروع "بركة غليون" اسم جديد ربما يدق على مسامعك للمرة الاولى ولكنه بين عشية وضحاها اتخذ حيزا كبيرا من اهتمام المصريين فى الداخل والخارج ، كما افردت عدة وسائل اعلام عربية واجنبية مساحات للحديث عنه . 

"بركة غليون" هى مدينة متكاملة للاستزراع السمكي والتصنيع وتقع بمركز مطوبس، شمال محافظة كفر الشيخ فى دلتا مصر ، افتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسي السبت الماضي كأكبر مزرعة سمكية بحرية في منطقة الشرق الأوسط ، و"غليون" تعني في قاموس الصيادين "المركب الصغير"، وسُميت تلك المنطقة بها لانتشار مراكب الصيد الصغيرة بها.

المشروع القومي للاستزراع السمكي بكفر الشيخ "بركة غليون" يعد واحدا من أهم المشروعات الطموحة التي خطت بها الدولة المصرية بخطى واسعة على طريق تحقيق الكفاية الغذائية من الاسماك للمصريين ، حيث يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية.

يضم المشروع العملاق عدة مصانع بالإضافة لمفرخ للأسماك والجمبرى، ووحدات زراعة مكثفة، وذلك تحت إشراف الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية التابعة للقوات المسلحة المصرية . 

وساهم افتتاح هذه المدينة السمكية الصناعية في تغيير ديموغرافيا "غليون" وتحويلها من منفذ للهجرة غير الشرعية إلى مدينة صناعية متكاملة.

الاستزراع السمكي في مصر

تحتل مصر المركز السابع عالميا، في الاستزراع السمكي؛ طبقا لإحصاءات منظمة الأغذية، والزراعة «FAO»، كما تحتل المركز الأول إفريقيا في إنتاج الأسماك.

ويبلغ إنتاج مصر من الإسماك، 1.5 مليون طن، طبقا لآخر كتاب إحصائي عن 2016، صادر عن الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، كما بلغ حجم الواردات من الأسماك 236 ألف طن تقريبا بنسبة 16 % من الإنتاج العام.

وتعد الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية أحد أبرز الشركات الوطنية، التي أنشئت حديثا بهدف تنمية الثروة السمكية في مصر، وسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، من خلال تنفيذ العديد من مشروعات الاستزراع السمكي، من أهمها مشروع إنشاء المدينة السمكية الصناعية «غليون»، بمحافظة كفر الشيخ، كأحد المشروعات التنموية المتكاملة، والطموحة.
 
المرحلة التمهيدية للمشروع

اتخذت الدولة كل الإجراءات اللازمة للانتهاء من المشروع بعد عقد سلسلة اجتماعات مع ممثلي الشركات القائمة على تنفيذ المشروع وعددها 28 شركة وطنية خالصة، لتذليل كافة العقبات من أجل إنجاز المشروع القومى العملاق، الذي سيضع محافظة كفر الشيخ على الخريطة الاستثمارية ويقضى على الهجرة غير الشرعية ويؤدي إلى زيادة الثروة السمكية في مصر إلى 75%، بما يمكن من توفير احتياجات السوق المحلى وتصدير الفائض لتوفير العملة الصعبة.

غليون على الخريطة : 

تقع بركة غليون بمركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ، وتمتد بطول 118 كيلو مترا وتطل على البحر المتوسط، ويحدها من الغرب بحيرة البرلس وتقع فى نطاق الطريق الدولى الساحلى ، وهى التي كانت تعد منطقة حدودية منطلقًا للراغبين من الشباب في الهجرة بطرق غير شرعية عبر البحر المتوسط إلى الدول الأوروبية. 

ويهدف المشروع فى الاساس إلى استغلالها لتصبح نقطة الانطلاق للتنمية بمنطقة شمال غرب الدلتا ، حيث تم تمهيد طريق خاص بالمشروع بطول 18 كم باتجاهين، يشمل كل اتجاه 3 حارات، بالإضافة إلى 45 كم أخرى متمثلة في الطرق الداخلية بداخل المشروع الإستراتيجي ومحطة كهربائية بطاقة 35 كيلو وات / ساعة.

الطبيعة البيولوجية : 

طبيعتها البيولوجية جعلتها لا تصلح لأي أنشطة سواء زراعية أو كمدينة سكنية فهي عبارة عن بركة من المياه منخفضة الأرض ، لذلك اختيرت من أجل اقامة المشروع.

المشروع فى نبذة .

يقام المشروع بالكامل على مساحة 20 ألف فدان فيما تبلغ المرحلة الاولى منه 4 الاف فدان ، ويبلغ عدد العمالة اليومية، خلال فترة إنشاء المرحلة الأولى للمشروع، 5000 عامل، وفني ومهندس، وبمعدات وآلات 1700 معدة ثقيلة.
وقد أرسلت مصر بالفعل بعثات من الشباب للتدريب فى الصين للعمل بالمشروع عند العودة. 

ويتكون المشروع من مفرخ «أسماك ـ جمبري»، على مساحة 17 فدانا، بطاقة 20 مليون أصبعية أسماك بحرية، وملياري يرقة جمبري، ومزرعة إنتاج الأسماك البحرية بإجمالي عدد 453 حوضا، تربية، 155 حوض، تحضين 50×150م بطاقة إنتاجية 3000 طن أسماك لكل دورة تقريبا.

بالإضافة إلى مزرعة إنتاج الجمبري بعدد 655 حوض تربية 50 × 50م، والأحواض ذات صرف مركزي، ومبطنة بمشمع بولي إيثيلين، على الكثافة "HDPE" بطاقة إنتاجية 2000 طن جمبري  لكل دورة تقريبا، ومزرعة إنتاج أسماك المياه العذبة عدد 83 حوضا 100 × 200،  بطاقة إنتاجية 2000 طن.

ويضم المشروع مركز أبحاث وتطوير وتدريب بمساحة 700م2، ويضم معامل لجودة المياه، والغذاء الصحي، وبيولوجية الأسماك، وصحة وأمراض الأسماك، وتركيب وجودة الأعلاف، ووحدة للإرشاد والتدريب.

وتضم المدينة السمكية الصناعية في غليون، أكبر مصنع لتجهيز الأسماك والجمبري، في الشرق الأوسط على مساحة 19695م2، ويشمل مصنعا لمنتجات الأسماك المبردة، والمجمدة، والفيليه،  ومطهية، ونصف مطهية، ومصنع لمنتجات الجمبري المبرد، والمجمد، والمقشر، وذلك بطاقة إنتاجية 100 طن يوميا.

والمشروع به قناتان مائيتان الاولى طولها 6 كيلو، تسير فيها المياه التى تغذى جميع الأحواض، للمياه المالحة القادمة من البحر، والاخرى طولها 1.5 كيلومتر للمياه العذبة، وتصبان فى حوض المزج، والذى يتم فيه خلط المياه العذبة بالمالحة، لكى يتم لضبط نسبة الملوحة فى المياه والتى تتناسب مع السمك والجمبرى.

ومن المقدر أن يصل الانتاج الى 3 آلاف طن سمك للدورة الواحدة التى تصل لـ 18 شهرا، وانتاج 2000طن جمبرى فى الدورة الواحدة التى لا تستغرق اكثر من 6 شهور.

وتم استزراع اسماك البورى الوقار الدنيس البلطي، القاروص مع الجمبرى، وسيتم طرح الانتاج للسوق المحلى و للتصدير.

ميزانية المشروع

 المشروع تنفذه الشركة الوطنية بميزانية تبلغ ملياري جنيه، ويشمل محطة عملاقة لرفع المياه من البحر المتوسط، حسبما أفاد
موقع الهيئة العامة للثروة السمكية.

هدفنا الحد من الصيد الجائر فى البحار 

يقول المهندس سامى الغنام، مدير مشروع الاستزراع السمكي بمدينة غليون، إن هذا المشروع يستخدم التكنولوجيا الحديثة والمتطورة فى الاستزراع السمكى، مشيرا إلى أن المشروع هدفه الحد من الصيد الجائر في البحار، ومحاربة صيد الزريعة ببحيرة البرلس.

وأضاف في تصريحات صحفية، أن المشروع مساحته 20 الف فدان، المرحلة الاولى منه على مساحة 2719 فدانا، والمرحلة الثانية 2815 فدانا والمرحلة الثالثة 6174 فدانا، والمرحلة الرابعة 7 الاف فدان.

وأشار إلى أن المشروع يضم 453 حوض سمك بحرى مساحة الحوض الواحد 50متر فى 150مترا ، و626 حوض سمك جمبرى، مساحة الواحد 40مترا فى 40مترا، كما يوجد ايضا 186 حضانا لتحصين الزريعة ورعاية الاسماك.

وأوضح أن المشروع به معمل للتفريخ، لإنتاج «الزريعة» بمعدل 20 مليونا من الأسماك البحرية «البورى، الوقار، الدنيس، القاروص» و2 مليار وحدة جمبرى، مشيرا إلى أن هناك 10 ورش لتربية اليرقات والجمبرى.

فيما كشف المهندس رامز مدحت مدير مشروع المنطقة الصناعية، عن مساحة المنطقة الصناعية بمدينة غليون والتي بلغت 55 فدان، وبها مصنع علف السمك مساحة 1518 مترا وينتج 180 ألف طن سنويا، ومصنع الفوم على مساحة 5250 مترا، ومصنع الثلج على مساحة 1900 متر، ومصنع «بروسسينج».

وأضاف مدحت في تصريحات صحفية، أن المنطقة الصناعية بها معمل ابحاث ومركز تدريب لتدريب العمالة، وتدريب الزريعة الذين لا يتبعون المشروع، ويوجد بها ايضا 7 عمارات سكنية للعاملين ومنطقة ترفيهية وملاعب، ومسجد.

وأشار إلى أن المشروع به قناتان مائيتان الاولى طولها 6 كيلو، تسير فيها المياه التى تغذى جميع الأحواض، للمياه المالحة القادمة من البحر، والاخرى طولها 1.5 كيلومتر للمياه العذبة، وتصبان فى حوض المزج، والذى يتم فيه خلط المياه العذبة بالمالحة، لكى يتم لضبط نسبة الملوحة فى المياه والتى تتناسب مع السمك والجمبرى، وهذا يتم وفقا لدراسات شديدة الدقة، كما يوجد ايضا 8 قنوات لتغذية السمك، و52 لتغذية الجمبرى، واكثر من 26 مصرفا فرعيا، كما توجد محطة صرف ومحطتين رفع واحدة من البحر والاخرى من النيل، وتوجد محطة كهرباء لتشغيل المشروع.

تشغيل أهالي المنطقة

يوضح عادل البص، المشرف العام على المشروع، أن هناك تعليمات مشددة بضرورة ان يكون العمال العاملون بالمشروع من أهالى القرى المجاورة، وبالفعل جمعنا كل من يريد العمل من الاهالى وقمنا بتشغيله فى المشروع.

وأضاف البص في تصريحات صحفية، أن المشروع غير شكل الحياة فى المنطقة تماما، فسعر الاراضى تضاعف ، وأسعار الشقق السكنية ايضا ارتفعت بشكل كبير، وأسعار تأجير السيارات والمطاعم والمحلات، وجميع سكان القرى المجاورة للمشروع استفاد اهلها منه رغم انه لم يتنه بعد.

وقال إنه تم عقد بروتوكول مع كليتى الزراعة والطب البيطرى بجامعتى كفر الشيخ وقناة السويس وسيتم تعيين اوائل الخريجين فى المشروع، كما ان المزرعة ستتعامل مع الزريعة الذين يستزرعون السمك بطريقة خاطئة وسيتم تدريبهم، وتسويق منتجاتهم ايضا، وكذلك مصنع الثلج والفوم والتغليف سيتم السماح للصيادين باستخدامه اى ان المشروع لا يقتصر فقط على العاملين به.

منتج عالمى بجدارة

يرى الدكتور إبراهيم الهواري، عميد كلية الثروة السمكية بجامعة كفر الشيخ، أن هذا المشروع سيحقق طفرة كبيرة فى سوق الغذاء، وسيوفر الاسماك عالية الجودة بالاسواق وسيعتمد المواطنون عليها كمصدر رئيسى للبروتين بدلا من اللحوم الحمراء والدواجن.

وأوضح أن المشروع يعد منظومة متكاملة لتفريخ واستزراع وتربية الأسماك وتصنيعها، وذلك من خلال وجود مفرخ عملاق لتفريخ الزريعة اللازمة للاستزراع السمكي بالمزرعة، ومصانع الأعلاف اللازمة لتغذية الأسماك، ومصانع لتعليبها وتغليفها وحفظها تمهيدا لطرحها بالأسواق، كما يوجد بالمزرعة مراكز تدريب وابحاث من أجل تطوير العمل بها بصفة مستمرة ورفع كفاءتها.

واشار الى أن المزرعة مخصصة لاستزراع الأسماك البحرية ذات الجدوى الاقتصادية الكبيرة وأيضا مرتفعة القيمة الغذائية، ومن المميزات الكبيرة للمزرعة ابتعادها عن أي مصادر تلوث وبالتالي سترتفع جودة منتجاتها لتصل إلى المستويات العالمية.
فكر ورؤية مستقبلية للتطوير 

يؤكد اللواء حمدي بدين، رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية، إن الشركة تتولى تنفيذ العديد من المشروعات الهامة في مجال الاستزراع السمكي، بالتعاون مع وزارة الزراعة، والأجهزة المعنية في الدولة، التي تمثل طاقة إنتاجية جديدة تسهم بعد تشغيلها في زيادة الناتج المحلي، عن طريق تطوير وتنمية البحيرات، والتوسع في الاستزراع السمكي، وإدخال أنظمة جديدة للاستزراع عن طريق الأقفاص البحرية، والاستزراع المكثف من خلال مشروع المدينة السمكية الصناعية في غليون بمحافظة كفر الشيخ.

كما أكد اللواء السيد نصر، محافظة كفر الشيخ، أن المدينة السمكية الصناعية بغليون ستسهم بشكل كبير فى تغيير ديموغرافية المنطقة، وتحويلها من منطقة أكثر احتياجا، وبؤرة لمخالفة القانون، ومنفذ للهجرة غير الشرعية، إلى مدينة صناعية متكاملة توفر الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، للصيادين وخريجي الجامعات من أبناء كفر الشيخ والمحافظات المجاورة لها.

تساهم فى خفض اسعار الأسماك

قالت الدكتورة منى محرز، نائب وزير الزراعة للثروة الحيوانية والسمكية والداجنة إن مشروع المدينة السمكية الصناعية، ستوفر 27% من احتياجاتنا من الأسماك.

وأشارت الى مساهمة مشروع بركة غليون في دعم الاقتصاد المصري من خلال توفير العديد من فرص العمل للشباب والحد من الهجرة الغير شرعية، لافتة إلى إن زيادة المعروض من الاسماك في السوق يساهم في خفض الأسعار. 
‏ولكن .. كيف نحمى شواطئ غليون ؟

يقول المهندس علي كمال، رئيس هيئة حماية الشواطئ، إنه تم تنفيذ مشروعات لحماية الشواطئ للمنطقة المنخفضة شمال بركة غليون التي أقيمت عليها أكبر مزرعة سمكية في الشرق الأوسط بعد إجراء الدراسات اللازمة والحماية الآمنة لها؛ وذلك لدعم مشروع الاستزراع السمكي.

وأوضح أن أعمال الحماية من صندوق المناخ بطول 69 كيلومترا؛ حيث تم تحديد الأماكن الحساسة بالشواطئ الشمالية، وكانت المستندات المقدمة للصندوق تؤكد جدية الدولة في حماية سواحلها، والاستفادة من التنمية السياحية وذلك بتنفيذ مشروعات الحماية بالطرق الثلاثة التي نجحت، علاوة على المشروعات الأخرى التي تنفذها الدولة، لحماية المنشآت وكذلك العوائد الاقتصادية والاجتماعية نتيجة هذه المشروعات الصديقة للبيئة، وذلك بالمناطق الخطرة بالدلتا، حيث تم تحديد المواقع الأكثر عرضة للظواهر الجوية الحادة، وما يترتب عليها من ارتفاع منسوب سطح البحر وقد حصلت محافظة كفر الشيخ على مشروعات لتغطية 27 كم من شواطئها وبورسعيد 12 كم، ورشيد 6 كم.

وأوضح أن خطط الحماية تتضمن إنشاء، وإقامة محطات إنذار مبكر على أعماق مختلفة داخل البحر المتوسط للحصول على البيانات المتعلقة بموجات العواصف، والأمواج، والظواهر الطبيعية المفاجئة التي قد تتعرض لها منطقه حوض المتوسط وذلك بالتنسيق مع دوله، وأن المنحة تتضمن وضع خطة متكاملة لإدارة المناطق الساحلية، شاملة المشروعات والتعديلات التشريعية المطلوبة وبرامج تنفيذها ومسؤولية كل جهة مشاركة في الخطة.

وأشار إلى أن الهيئة لديها 5 محطات رصد للظواهر والتيارات البحرية، لمراقبة الآثار السلبية لظاهرة التغيرات المناخية على السواحل المصرية، وتغطي حاليا معظم الدلتا وجزءا من الشواطئ، وأنه يتم الترتيب لزيادة عدد المحطات ضمن منحة صندوق المناخ الأخضر لتغطي بقية ساحل المتوسط من رفح وحتى السلوم، وكذلك سواحل البحر الأحمر حتى مرسي علم وحلايب وشلاتين.‏

ولفت إلى أن الهيئة تستعد حاليا لتنفيذ مشروعات لحماية الشواطئ المصرية باستثمارات تصل لنحو مليار و400 مليون جنيه، وذلك لتطوير وحماية المنطقة غرب لسان رأس البر، بثلاث مراحل، وتقدر التكلفة بنحو 700 مليون جنيه، وكذلك تطوير بحيرة كليوباترا بتكلفه 450 مليون جنيه، وحماية شاطئ روميل بتكلفه 100 مليون جنيه، بالإضافة إلى حماية قلعة قايتباي الأثرية بحوالي 150 مليون جنيه، لافتًا إلى أنه يتم حاليا تنفيذ مشروعات لحماية السواحل المصرية من الآثار السلبية للتغيرات المناخية بإجمالي 800 مليون جنيه.

وذكر أنه تم الانتهاء من تحديد النقاط الحمراء الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية بشمال الدلتا والساحل الشمالي، وذلك من أجل التنسيق بين الوزارات المعنية لتحديد مناطق الاستثمار الآمنة وآليات حماية الاستثمارات القائمة من مخاطر هذه التغيرات، مشددًا على أنه لا توجد رفاهية لإطلاق المياه إلى البحر للحد من التداخل منها لتأثيرها على استخدامات للأراضي في هذه المناطق.

عيد للاستزراع المائي

يرى الدكتور عبد العزيز نور خبير الثروة السمكية ، إن افتتاح مزرعة بركة غليون هو عيد للاستزراع المائي في مصر، وحلم تحقق بعد انتظار لسنوات طويلة، 

وأضاف في تصريحات صحفية أن الاستزراع البحري جديد على مصر التي كانت دائما ما تلجأ للزراعة في المياه الداخلية والمياه العذبة ومياه الصرف ، ولكن المياه البحرية سواء في الأحمر أو المتوسط خطوة جديدة لأنها تحتاج إلى مقومات كثيرة من حيث المكان والمقومات وهى متوافرة فعليا في منطقة بركة غليون.

وأوضح أنه يجب التفكير في الفترة المقبلة بعد نحو 30 سنة سيزيد عدد السكان ما يتبعه زيادة استهلاك مصر فنحتاج مضاعفة الإنتاج خلال السنوات المقبلة، التخطيط لذلك ليصل إلى 3.5 مليون طن، مضيفا أن مصر بها نحو 2800 كيلو متر من الشواطئ قابلة للاستزراع البحري وتربية الأسماك الفاخرة.

وأشار إلى أن هذا المجال به أفكار ومشاريع ضخمة تحقق وفرة في الوقود والغذاء فيمكن استخراج الوقود الحيوي من زيوت الطحالب، والناتج يستخدم كأعلاف للثروة الحيوانية وكل المقومات موجودة في مصر فيمكن الزراعة حول المياه المالحة سواء طحالب أو أسماك، منوها بأن الرئيس السيسي وضع البداية ونحتاج لخطة وبرنامج متكامل لتحقيق أقصى فائدة.

انتعاشة سوق الأسماك

من جانبه، يقول النائب محمود شعلان عضو لجنة الزراعة بالبرلمان، إن الفائدة الأولى من مشروع المزرعة السمكية في بركة غليون هي أنها ستزيد من حجم الإنتاج السمكي في مصر ما يتبعه انخفاض أسعاره في الأسواق لأن المعروض منه سيرتفع وتنخفض الأسعار التي زادت خلال الشهور الماضية بشكل كبير.

وأوضح أن المزرعة ستكون بمثابة انتعاشة لسوق الأسماك في مصر ووفرة للإنتاج المحلي من الثروة السمكية بأنواعها، خاصة الأكثر شعبية منها مثل البلطي والبوري، فضلا عن التصدير إلى الخارج وتبعاته على الاقتصاد، مضيفا أن الأسماك كانت في متناول أيدي المواطنين إلا أن أسعارها ارتفعت وحدثت أزمة بها.

من الخراب الى التعمير والنشاط 

اعتبر خبراء أن مشروع بركة غليون للاستزراع السمكي هو باكورة مشروعات الأمن الغذائي لمصر، والتي تنفذها عقول مصرية وأياد من القوات المسلحة والشركات والعاملين والمتخصصين المدنيين.

اللواء مصطفى إبراهيم، قال إنه على مدى سنوات ماضية كانت المناطق الساحلية التي تتبع مركز مطوبس بكفر الشيخ، أمثال منطقة بركة غليون وقرى الجزيرة الخضراء وبرج مغيزل موصوفة بـ"الخراب"، وكانت منطقة بركة غليون عبارة عن تجمعات مائية منخفضة تطل على البحر الأبيض المتوسط، ولا تصلح للاستخدام سوى أنها منصة تنطلق منها مراكب الهجرة غير الشرعية.

وأضاف:  فترة وجيزة لا تتجاوز عامًا ونصف العام، بدأت الدولة تنتبه إلى هذه المنطقة بتعليمات مباشرة من  الرئيس عبد الفتاح السيسي كي يتم استغلال المنطقة بالكامل، وكان هذا المشروع بداية  التنمية على مستوى المحافظة.

ويؤكد الخبير العسكري محمد قنديل، أن مشروع الاستزراع السمكي ببركة غليون الذي أشرفت القوات المسلحة على إنشائه، من أكبر المشروعات على مستوى العالم، ويضم مركز أبحاث وتطوير وتدريب ومعمل جودة المياه ومعمل الغذاء الحي ووحدة الإرشاد والتدريب ومعمل بيولوجية الأسماك ومعمل صحة وأمراض الأسماك ومعمل تركيب وجودة الأعلاف.
واختتم قنديل قائلًا: من المقرر أن  يصل حجم الإنتاج بمشروع الاستزراع السمكي ببركة غليون إلى نحو 2750 طنًّا من الأسماك خلال الدورة الواحدة، التي تستمر نحو 18 شهرًا، و2000 طن من الجمبري في الدورة الواحدة، التي تستمر لمدة 6 أشهر، كما تنتج مصانع الأعلاف السمكية 120 ألف طن أعلاف للأسماك و60 ألف طن أعلاف للجمبري، لافتًا إلى أن الخبرة الفنية الأجنبية في هذا المشروع كانت من نصيب الصين.

تجارب دولية في الاستزراع السمكي

1- الإمارات:

تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من رواد تربية الأحياء المائية بدول مجلس التعاون الخليجى، وحيث إن دولة الإمارات لديها العديد من الخلجان والأودية المحاطة بأشجار المانجروف، فهي تعتبر بيئة خصبة لتفريخ العديد من أنواع الأسماك والقشريات.

ومن منطلق استغلال هذه البيئة الطبيعية لتطوير المصايد، قامت وزارة الزراعة والثروة السمكية في عام 1984 بإنشاء مركز بحوث الثروة البحرية بأم القيوين على الساحل الغربي لدولة الإمارات، ويعتبر تطوير الاستزراع المائي أحد الأنشطة التي يعنى بها المركز منذ إنشائه، فعلى سبيل المثال، يقوم المركز بإنتاج إصبعيات الأنواع الشائعة مثل الصافي، الهامور، البياح، السبيطي، أثناء موسم التبويض الطبيعى.

ويوجد بدولة الإمارات العربية حوالي 748 ألفا و14 عاملاً في مجال المصايد، وتقدر كمية المصيد بحوالي 95 ألفا و150 طنا سنوياً، وذلك تبعاً لإحصائيات وزارة الزراعة والثروة السمكية لعام 2003، وتعتبر تربية الأحياء المائية بدولة الإمارات في مراحلها الأولى، ولذلك فإن القوى العاملة بهذا المجال تعتبر محدودة مقارنة بالمجالات الصناعية الأخرى، وهذه القوى العاملة ممثلة كليا في الذكور ذوي المهارات من العمال، الموظفين والمتخصصين، وتضم الشركة العالمية للاستزراع السمكي حوالي 46 شخصاً.

2- تونس:

تأسس صندوق تونس لتربية الأسماك في العام 2017 برأس مال يبلغ 50 مليون دينار تونسي ويستهدف تمويل (مساهمات وشبه مساهمات) للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في قطاع الاستزراع السمكي (إنتاج أعلاف أسماك، إنتاج اليرقات، تربية وتسويق الأسماك) بصورة رئيسية في تونس وبصورة ثانوية في دول المغرب العربي والشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA).

ويهدف الصندوق إلى الاستثمار في محفظة تشتمل على نحو 15 مشروعا بمتوسط حجم استثمار 3 ملايين دينار تونسي (نحو 1.5 مليون دولار)، رأس المال والمساهمون: يبلغ رأس المال المصرح به 50 مليون دينار تونسي يساهم فيه كل من: الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، الشركة التونسية للبنك، صندوق الودائع والأمانات، الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، الشركة التونسية للبنك، صندوق الودائع والأمانات.

3- المملكة العربية السعودية:

رغم التطور الكبير الذي حققه قطاع الاستزراع المائي في المملكة خلال السنوات الاخيرة إلا أنه لا يزال قطاعا ناشئا فيما يتعلق بحجم الإنتاج والتوسع وتأثيره على التنمية الاقتصادية للمملكة.

وبدأت الخطوات الأولى بدراسة واقع الثروة السمكية وتقديم المقترحات الخاصة بالبدء بإدخال عمليات الاستزراع المائي إلى المملكة أواخر السبعينيات من القرن الماضي وكان ذلك عن طريق هيئة السمك الأبيض والتي أجرت أولى أبحاث على اختيار الأنواع وإمكانية إقامة مشاريع استزراع مائي في المملكة.

ثم تلا ذلك اتفاقية وزارة الزراعة ومنظمة الأغذية والزراعة الدولية "الفاو" لإنشاء مركز متخصص في أبحاث الاستزراع المائي (مركز أبحاث الثروة السمكية بجدة – مركز المزارع السمكية سابقاً) يهدف إلى توطين التقنية والتدريب الخاصة بالاستزراع ودراسة الأنواع المحلية لاقتصادية وتقديم الاستشارات والدعم الفني للمشاريع وقدم المركز خلال تلك الفترة خدمات كبيرة للقطاع ويعتبر المركز المنتج والمزود الأساسي لسلالات الأسماك والروبيان المستزرعة مثل الروبيان الأبيض وأسماك البارموندي.

ازدهر قطاع استزراع الروبيان والذي انطلق بشكل تجاري منتصف التسعينيات وتوسع حتى العام 2009 لتصبح المملكة أكبر منتج للروبيان الأبيض في العالم بطاقة إنتاجية تجاوزت 20 ألف طن في العام.

إلا أن قطاع استزراع الأسماك كان محدودا على ما يتم إنتاجه من مزارع المياه الداخلية وكان إنتاج مزارع المياه البحرية قليلا حتى العام 2006 شهد انطلاق مشروع تجاري كبير لإنتاج الأسماك بنظام الأقفاص العائمة وبطاقة إنتاجية تجاوزت 3000 طن، واستمر التوسع في الإنتاج انطلاقا من العام 2011، وحققت نتائج كبيرة بالوصول لانتاج تجاوز 10 آلاف طن من الأسماك في العام من إنتاج المزارع البحرية من أسماك البارموندي والدنيس وأنواع أخرى مع انطلاق العمل في أحد أكبر المشاريع الخاصة بإنتاج الأسماك في الأقفاص العائمة على مستوى العالم لصالح المجموعة الوطنية للاستزراع المائي والذي يستهدف طاقة إنتاجية تصل إلى 100 ألف طن في العام عند الانتهاء منه.