دعوة لمشاركة صناعة التمويل متناهي الصغر بعام ذوي الاحتياجات الخاصة


بقلم: حسن إبراهيم
 
في بداية هذا العام تم إطلاق مبادرة طيبة بجعل 2018 عام ذوي الإحتياجات الخاصة وهي في الحقيقة مبادرة رائعة لاسيما أنها تتعلق بمواطنين مصريين يعيشون التحدي الحقيقي مع شروق كل شمس جديدة لكي تستمر الحياه. وبالنظر في حصر أعداد هؤلاء المواطنين فقد صرح رئيس جهاز التعبئة والإحصاء إنه سيوفر العام المقبل إحصاء متكاملا وبيانات تفصيلية عن الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، بينما أعلن رئيس الوزراء المصري بأن عددهم بمصر (بمختلف أنواع الإعاقة) يقدر بـ 15 مليون مواطن، ومع ارتفاع معدلات نسب الفقر في مصر لتسجل رسمياً 27.8% فيما تختلف تلك النسبة حسب التوزيع الجغرافي شمال و جنوب أو حضر وريف.

ولأنه لا يوجد حتى الآن احصائيات دقيقة لهؤلاء المواطنين تبعاً لدرجات الإعاقة والقدرة علي العمل والوضع الاقتصادي والتوزيع الجغرافي لهم، فدعونا نعتمد علي أقل التقديرات بفرض أنه يوجد ما بين 750 ألف إلي مليون مواطن متحدي للإعاقة وقادر علي العمل ويعاني ويلات الفقر والعوز. وعلي الجانب الآخر سأطرح تعريف التمويل متناهي الصغر كما نص قانون 141 لعام 2014 إذ يشير إلى أنه "كل تمويل لأغراض اقتصادية إنتاجية أو خدمية أو تجارية فى المجالات وبالقيمة التى يحددها مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية وبما لا يتجاوز مبلغ 100 ألف جنيه"، وهنا يتلاقى مؤسسات التمويل متناهي الصغر من جانب والمواطنين ذوي الاحتياجات الخاصة القادرين علي العمل وفي إحتياج الي خدمات تمويلية من جانب آخر .

و يتجلى هنا السؤال المطروح للمناقشة في هذا المقال: هل يمكن لصناعة التمويل متناهي الصغر مساعدة هؤلاء المواطنين والعمل علي تمكينهم إجتماعياً واقتصادياً عن طريق تقديم منتجات تمويلية مصممة في الأساس لخدمتهم.  دعونا أولاً نضع بعض الحقائق أمام أعيننا و نحن نفكر في هذا الأمر ومنها أن التمويل متناهي الصغر يعتبر نشاط يرتكز على فكر استثماري بما لا يتعارض مع أهدافه الإجتماعية والتنموية، كما أن عميل التمويل متناهي الصغر هو ذلك الشخص محدود الدخل القادر علي العمل واستخدام المنتجات التمويلية المقدمة له لزيادة دخله وتحسين أحواله الاقتصادية والمعيشية، وأيضاً تقديم خدمات التمويل متناهي الصغر مرهونة بمدي الثقة في استعادة الأصول التي تم منحها للعميل.  ومما سبق يتضح أننا كممارسين للتمويل متناهي الصغر نتعامل بحرص في اختيار عميلنا لتحقيق الرؤية والرسالة والتي وجدت من أجلهما الصناعة وأيضاَ نمارس الصناعة وصوب أعيننا الحفاظ علي أصول المؤسسة لكي نكون قادرين علي الاستمرار في تقديم خدماتنا.

وفي الحقيقة أنني لم أسمع عن برامج تمويلية متخصصة ومعدة مسبقاً لخدمة المواطنين ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر و عند بحثي و تدقيقي في هذا الأمر لم أصادف حتي انعقاد مؤتمرات أو ورش عمل لمناقشة هذا الموضوع سوى القليل منها، و أعتقد أن مؤسسات التمويل متناهي الصغر المصرية لم تفكر في هذا الشأن لوجود سوق كبير جداً من الأشخاص الطبيعيين الذين لم يتم خدمتهم بعد، إذ أن أرقام فجوات التغطية في السوق المصري كبيرة إذا ما قورنت بالمحقق فعليا. 

ولكن تنص المادة 24 من الفصل الثانى لحقوق ذوى الإعاقة على " تلتزم الجهات الحكومية وغير الحكومية، وكل صاحب عمل ممن يستخدم عشرين عاملًا فأكثر سواء كانوا يعملون فى مكان واحد أو أماكن متفرقة، وأيا كانت طبيعة عملهم تعيين نسبة 5% على الأقل من الأشخاص ذوى الإعاقة"، فلماذا لا نلتزم نحن أيضاً كمؤسسات للتمويل متناهي الصغر بأن نخصص 5% من محافظنا للمواطنين ذوي الإحتياجات الخاصة أو نصمم منتج تمويلي يتناسب ومكوناته من مدد سداد ونسب فائدة وقيمة ... إلخ مع هؤلاء المواطنين؟! أليس هدفنا أن نعمل علي التنمية الإقتصادية والإجتماعية للمجتمع المصري ككل.
 
تلك الدعوة والمبادرة أقدمها لمؤسسات التمويل متناهي الصغر من جمعيات ومؤسسات أهلية وشركات وبنوك ليس بكوني مدير عام الإتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر ولكن كممارس للتمويل متناهي الصغر وأحد أبناء تلك الصناعة، دعونا يا أبناء الصناعة أن نشارك مؤسسات الدولة في تلك المبادرة الطيبة والتي أطلقها الرئيس ونعلن أننا سنخصص 5% من جميع منتجاتنا التمويلية خلال عام 2018 لإخواننا المواطنين ذوي الاحتياجات الخاصة متحدي الإعاقة.
 
المدير العام للاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر