فى تقرير للهيئة العامة للاستعلامات: الملفات الثنائية والوضع الإقليمى يضاعفان أهمية اللقاء الثامن بين السيسى وبوتين

خاص ــ صوت المال


زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمصر، هي الثانية له منذ تولي الرئيس السيسي رئاسة الجمهورية، كما أن هذا اللقاء هو الثامن بين الرئيسين، حيث التقى الرئيس السيسى بالرئيس بوتين للمرة الأولى عام 2014 خلال زيارته لروسيا كوزير للدفاع فى مصر، ثم عقد الرئيسان 6 لقاءات قمة كانت ثلاثة منها فى روسيا، ولقاء قمة فى القاهرة، ولقاءان فى الصين خلال حضور الرئيسين قمة مجموعة العشرين، ثم قمة مجموعة "بريكس".
 
 ويقول تقرير أعدته الهيئة العامة للاستعلامات إن اللقاء الثامن بين الرئيسين خلال زيارة الرئيس بوتين الحالية للقاهرة يكتسب أهمية بالغة، نظراً للظروف الإقليمية الدقيقة التى تمر بها منطقة الشرق الاوسط، والقضايا الملتهبة والمؤثرة على الامن القومى المصرى وكذلك المصالح الروسية، وعلى الاستقرار فى المنطقة والسلم العالمى، خاصة قضايا مواجهة الإرهاب، والقضية الفلسطينية وملف القدس، ومايجرى فى كل من سوريا وليبيا واليمن من تطورات خطيرة، وذلك فى ضوء الدور المهم والحيوى لكل من مصر وروسيا فى هذه القضايا التى ستؤثر على مستقبل المنطقة لعشرات السنين.
 
فى الوقت نفسه، فإن ملفات العلاقات الثنائية تحمل أهمية غير مسبوقة، مثل ملف الطاقة سواء مشروع الضبعة لإنتاج الطاقة النووية الذى يعد أكبر مشروع مشترك بين موسكو والقاهرة منذ السد العالى، أو الاستثمارات الروسية فى مجال البترول والغاز، وكذلك موضوعات التعاون الاقتصادى والسياحى، إضافة إلى التعاون العسكرى خاصة أن آخر المسئولين الروس الذين زار مصر كان سيرغي شويجو وزير الدفاع الذى التقاه الرئيس السيسى قبل أسبوعين فى القاهرة.
 
ويقول تقرير الهيئة العامة للاستعلامات، إن العلاقات المصرية الروسية شهدت مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في يونيه 2014 نقلة إيجابية كبيرة، على كافة الأصعدة وأسفرت الزيارات المتبادلة بين الرئيسين السيسي وبوتين عن مستوى رفيع من التفاهم السياسى، كما أسفرت عن توقيع العديد من الاتفاقيات منها اتفاق لإنشاء محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية في الضبعة، ومذكرة تفاهم بين وزارة الاستثمار المصرية ووزارة التنمية الاقتصادية الروسية لتشجيع  وجذب الاستثمارات الروسية، ومذكرة تفاهم بين وزارة الاستثمار المصرية وصندوق الاستثمار المباشر الروسي لتعزيز التعاون الاستثماري بين البلدين ومناقشة اقامة منطقة تجارة حرة بين مصر والاتحاد الجمركي الأوراسي.
 
لقاءات السيسي وبوتين
 
طبقا لما رصدته هيئة الاستعلامات، كان اللقاء الأول بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس فلاديمير بوتين عام 2014 حينما زار السيسي روسيا بصفته وزيراً للدفاع مع وزير الخارجية آنذاك، وأعلن الرئيس السيسي في ذلك الوقت، ان زيارته لموسكو بمثابة انطلاقة جديدة للتعاون العسكري والتكنولوجى بين مصر وروسيا.
 
وفي أغسطس عام 2014 كانت أول زيارة للرئيس عبدالفتاح السيسي إلى روسيا عقب توليه رئاسة الجمهورية، حيث عقد مباحثات ثنائية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفي ختام القمة المصرية الروسية التي عقدت في منتجع سوتشي، أعلن الرئيس السيسي أن موسكو والقاهرة اتفقتا على  إقامة منطقة صناعية روسية كجزء من المشروع الجديد لقناة السويس.
 
وفي فبراير 2015 زار الرئيس فلاديمير بوتين مصر لمدة يومين، ووقع البلدان العديد من الاتفاقيات خلالها في مختلف المجالات، وخلال هذه الزيارة أقام الرئيس عبدالفتاح السيسي حفل عشاء خاصاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في برج القاهرة والذي يعد رمزاً للصداقة التاريخية بين البلدين في الستينيات كما حضر الرئيسان، في دار الأوبرا المصرية عرضاً ثقافياً حول العلاقات بين البلدين.
 
وفي مايو 2015 كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي الثانية كرئيس للجمهورية، إلى روسيا، للمشاركة في احتفالات الذكرى الـ70 لانتصار روسيا في الحرب العالمية الثانية، وكانت المرة الأولى التي تدعو فيها روسيا رئيساً مصرياً لهذه المناسبة المهمة لديهم.
 
وفي أغسطس 2015 قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بزيارة إلى موسكو، والتقي بالرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" وبحث الرئيسان سبل دعم العلاقات الاقتصادية، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين والمشروعات الاستثمارية المشتركة المزمع اقامتها وامكانية انشاء مصر منطقة للتجارة الحرة مع دول الاتحاد الجمركي الأوراسي والاتفاق على اتخاذ الخطوات العملية اللازمة لتفعيل فكرة إنشاء صندوق استثماري مشترك بين كل من مصر وروسيا والإمارات لصالح تنفيذ عدد من المشروعات التنموية والاستثمارية في مصر.
 
 وفي سبتمبر 2016 التقي الرئيسان على هامش أعمال قمة مجموعة العشرين، التي استضافتها مدينة هانجشو الصينية.. كما التقي السيسي وبوتين من جديد على  هامش قمة مجموعة البريكس، التي عقدت بمدينة شيامن الصينية سبتمبر 2017 والتي تناولت عدداً من القضايا الثنائية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
 
وحرص رئيس الوزراء الروسي "ديمتري ميدفيديف" على المشاركة في احتفالات مصر بافتتاح قناة السويس الجديدة في اغسطس 2015 حيث قام التلفزيون الرسمي في روسيا بنقل كافة وقائع مراسم الافتتاح والاحتفال على الهواء طوال ذلك اليوم.
 
علاقات لها تاريخ
 
يشير تقرير هيئة الاستعلامات إلى أن العلاقات المصرية الروسية علاقات تاريخية، كانت فترة ازدهارها في الخمسينيات والستينيات، ولكن جذورها تمتد أبعد من ذلك بكثير.
 
فتاريخ العلاقات الدبلوماسية بين "الإمبراطورية الروسية"  ومصر يعود إلى أكثر من 230 عاماً، عندما أصدرت الإمبراطورة "كاترينا الثانية"  عام 1784، مرسوما يقضي بتعيين" كندراتي فون تونوس، كأول قنصل روسي في الإسكندرية، لتكون خطوة البداية فى تاريخ طويل من العلاقات بين مصر وروسيا لا تزال مستمرة ، إلا أن أول قنصلية روسية افتتحت فعلياً في القاهرة يعود تاريخها إلى العام 1862، عندما أرسلت وزارة الخارجية الروسية الدبلوماسي "ألكسي لاكوفسكي" في محاولة لتنشيط دور روسيا في الشرق، وتحديدا من مصر.
 
وبعد افتتاح قناة السويس الأول عام  1869 بدأت العلاقات الروسية المصرية تأخذ طابع التعاون في مجالات عدة، وشهدت تلك الفترة تبادل الزيارات بين الجانبين ومنها زيارة أخوة  القيصر ألكسندر الثالث إلى مصر عام 1888 ، ثم زيارة نجليه نيقولاي وغيورغي في عام 1890 وزيارة الخديوي عباس حلمي الثاني قبل توليه السلطة إلى مدينة سانت بطرسبورغ، وفي العام 1900، قام بزيارة إلى مدينة اوديسا عندما كان متوجها إلى رومانيا. إلا أن الزيارة المهمة في تاريخ العلاقات بين البلدين هي تلك التي قام بها الأمير محمد على عام 1909 إلى القوقاز، ورحلته الشهيرة إلى سيبيريا في طريقه إلى اليابان.
 
وفي 26 أغسطس 1943 بدأت العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفييتي ومصر وتمت الخطوة الأولى للتعاون بين الطرفين في أغسطس عام 1948، حين وقعت أول اتفاقية اقتصادية حول مقايضة القطن المصري بحبوب وأخشاب من الاتحاد السوفيتي‏.
 
 وشهدت العلاقة تطورات بارزة بعد ثورة يوليو عام 1952، حيث ساند الاتحاد السوفيتى مصر بقوة فى مواجهة العدوان الثلاثى عام 1956، ثم تقاربت سياسات الدولتين عالمياً فى مساندة حركات التحرر فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية للتخلص من الاستعمار الغربى، وكذلك فى دعم تجمعات العالم الثالث كحركة عدم الانحياز وغيرها.
 
وعلى الصعيد الثنائى كان الاتحاد السوفيتى أكبر مساند لمصر عالمياً وأمدها بالأسلحة والمعدات العسكرية والدعم السياسى المطلق، الأمر الذى مكن الشعب المصرى من خوض حرب أكتوبر عام 1973 التى خاضتها مصر بسلاح روسى فى المقام الاول.
 
وعلى صعيد التنمية، دعم الاتحاد السوفيتى جهود مصر التنموية فى فترة الخمسينيات – الستينيات من القرن العشرين، وقدم لمصر المساعدة فى تشييد السد العالي الذى كان أكبر رمز للتعاون المصرى السوفيتى، خاصة وأن معركة بنائه كانت ذات أبعاد سياسية تتعلق بالكرامة الوطنية بعد رفض الغرب تمويل السد من المؤسسات الدولية، فضلا عن حاجة مصر إلى مساعدات فنية وهندسية فى عملية البناء.
 
كما ساعد آلاف الخبراء السوفيت مصر في إنشاء المؤسسات الإنتاجية الكبرى مثل مصانع الحديد والصلب، ومجمع الألومنيوم، وتحويل خطوط الكهرباء من أسوان إلى الإسكندرية، وعمل نواة لمفاعلات نووية سلمية في انشاص، وتعاون في مجال صناعة السيارات ومحطة كهرباء أسوان، وتم في مصر إنجاز 97 مشروعاً صناعياً بمساهمة الاتحاد السوفيتي.
 
 بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ‏عام 1991.‏. كانت مصر في طليعة الدول التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع روسيا الاتحادية وتطورت العلاقات السياسية بين البلدين، وتكثفت الزيارات الرئاسية وتعددت أوجه التعاون المشترك.
 
وفى بداية التسعينيات كانت مصر في طليعة الدول التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع روسيا الاتحادية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي ‏عام 1991.‏ وتطورت العلاقات السياسية على مستوى رئيسي الدولتين والمستويين الحكومي والبرلماني، وتم تبادل الزيارات الرئاسية خاصة فى عهد الرئيس بوتين حيث تم توقيع اتفاق تعاون مصري روسي مشترك وسبع اتفاقيات تعاون عام 1997، ثم اتفاقيات أخرى مهمة خلال الأعوام التالية.
 
وشهدت العلاقات السياسية بين البلدين تطوراً إيجابياً عقب ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013 بدأت  بزيارة وزيري الخارجية والدفاع الروسيين إلى مصر فى 14 نوفمبر 2013، وزيارة وزيري الخارجية والدفاع المصريين إلى روسيا يومي 12 و13 فبراير 2014، وتوالت هذه الاجتماعات بانتظام بصيغة «2+2»، بما يجعل مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تبنت موسكو معها هذه الصيغة التي تتبناها روسيا مع خمس دول أخرى هي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان.
 
4 مليارات دولار حجم التجارة
 
يبلغ المتوسط السنوى لحجم التبادل التجارى بين مصر وروسيا خلال السنوات الأخيرة نحو 4 مليارات دولار سنوياً، منها نحو 3.6 مليار دولار واردات مصر من روسيا الاتحادية، مقابل نحو 400 مليون دولار صادرات مصرية إلى روسيا سنويا، وقد زاد هذا الحجم مؤخراً خاصة بالنسبة للصادرات المصرية، فطبقا لما أعلنه بيان صادر عن وزير التجارة والصناعة فى أغسطس 2017، فإن صادرات مصر لروسيا ارتفعت لأول مرة منذ ثلاث سنوات، بنحو 26% خلال النصف الأول من العام الجاري (2017 )، لتصل إلى 360 مليون دولار، مقابل 286 مليون دولار.
 
وقال البيان، إن التجارة البينية بين مصر وروسيا تنوعت ما بين صادرات زراعية من خضروات وفاكهة ونباتات طبية وعطرية ومنتجات مجمدة ومنتجات غذائية ومفروشات منزلية، بالإضافة إلى المنتجات الصناعية من أجهزة منزلية وصناعات دوائية ومستحضرات تجميل، أما الواردات فشملت القمح والزيوت النباتية والحيوانية والفحم والخشب والحديد والصلب.
 
وزادت واردات مصر من روسيا بنحو 12% خلال النصف الأول من العام الجاري ( 2017)، لتصل إلى نحو مليار و 978 مليون دولار مقابل نحو مليار و763 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2016.
 
وبحسب البيانات الرسمية للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة فى مصر، يبلغ عدد الشركات المؤسسة لدى الهيئة لدولة روسيا الاتحادية 428 شركة ويبلغ التدفق فى رأس المال المصدر نحو 128 مليون دولار. وترتيب روسيا 47 بين الدول المستثمرة فى مصر.
 
وأضافت البيانات أنه وفقا للتوزيع القطاعى تعمل 39 شركة فى القطاع الصناعى و151 شركة فى القطاع الخدمى و79 شركة فى القطاع الإنشائى و33 شركة بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات و17 شركة فى القطاع الزراعى و105 شركات بقطاع السياحة، وعدد 4 شركات بالقطاع التمويلى توفر 4421 فرصة عمل.
 
وأشارت البيانات إلى أن عدد الشركات المؤسسة فى محافظة البحر الأحمر يبلغ 247 شركة، و100 شركة فى محافظة القاهرة، و42 شركة فى محافظة الجيزة.
 
كما تم مؤخرا الاتفاق بين الجانبين المصري والروسي بشأن إنشاء منطقة صناعية روسية في شرق بورسعيد التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس ستقام هذه المنطقة الصناعية على  مساحة 5 كيلو مترات مربعة باستثمارات تبلغ 7 مليارات دولار في شرق بورسعيد للصناعات اللوجستية، وسيبدأ العمل في مرحلتها الاولي مع بداية 2018 وستوفر ما يقرب من 35 الف فرصة عمل. ووفقاً لتصريحات وزير التجارة والصناعة الروسية فقد أبدت أكثر من 130 شركة روسية رغبتها في افتتاح خطوط إنتاج لها في هذه المنطقة.
 
كما أعلن وزير الخارجية سامح شكري خلال زيارته لروسيا في 20 أغسطس الماضى( 2017 ) عن الرغبة في إفتتاح منطقة لوجستية مصرية في روسيا بهدف زيادة حجم الصادرات المصرية لروسيا.
 
وقد تم فى عام 2016 استئناف المفاوضات حول اتفاق التجارة الحرة مع دول الاتحاد الجمركي الأوروآسيوي (روسيا، بيلاروسيا، كازاخستان، أرمينيا) ،كذلك تم الاتفاق على مساهمة روسيا في تطوير وتحديث المصانع المنشأة إبان فترة الإتحاد السوفيتي مثل مصنع الحديد والصلب بحلوان وشركة النصر للسيارات ومجمع الألمونيوم بنجع حمادي، والتواصل مستمر بين الدولتين في مجال إنتاج الطاقة من المصادر المختلفة، وتسهيل مشاركة شركات البترول الروسية في عمليات الاستكشاف والتنقيب عن البترول والغاز في مصر، وترحيب الجانب الروسي ببحث إمكانية توريد الغاز المسال إلى مصر من خلال شركة "غاز بروم".
 
تعاون ثقافي
 
تأثر المصريون فى مجال القصة والرواية والشعر بالتجربة الروسية فى الأدب مثل أعمال تولستوى وتشيخوف ودوستويفيسكى وبوشكين.
 
ومنذ العقد الثالث من القرن التاسع عشر شهدت مصر لأول مرة نزوح أحد رواد الثقافة العربية والإسلامية هو الشيخ محمد عياد الطنطاوي الذي اهتم بالأدب الروسى والثقافة الروسية ليكمل حياته هناك، وفي عصر محمد على  في ثلاثينيات القرن التاسع عشر اختار أربعة شباب من النابغين ليرسلهم في بعثة إلى سيبيريا لكي يدرسوا علم التعدين هناك.
 
وفى النصف الثانى من القرن العشرين تعزز التعاون الثقافى والعلمى بشدة، حيث استندت القاعدة العلمية التى أقامها الرئيس جمال عبد الناصر فى المجالات العسكرية والصناعية والمدنية على التعاون مع الاتحاد السوفيتى، كما تلقى عشرات الالاف من المصريين تعليمهم فى المؤسسات التعليمية الروسية فى مختلف مجالات العلوم والصناعة والفنون والاداب، وعادوا ليتبوأوا مناصب وأدواراً عديدة فى جهود التنمية والثقافة فى مصر.
 
ومنذ بدء التعاون الثقافي بين مصر وروسيا بدأت حركة الترجمة للأعمال الأدبية الروسية حيث ترجمت أعمال توليستوي و بوشكين وعدد كبير من الكتاب الكبار إلى اللغة العربية، مما ساعد المثقف المصري في اكتشاف التقارب الكبير بين الثقافة المصرية والروسية، واكتشاف التشابه بين الثقافتين والحضارتين، ، كما يظهر التشابه بين الموسيقى الروسية والشرقية وخاصىة في موسيقي "شهرزاد" والتى يرجع تأليفها إلى الموسيقار الروسي ريمسكى كورساكوف.
 
 ويدرس في روسيا اليوم نحو 1400 طالب مصرى بما في ذلك 400 مبعوث رسمي في مراحل الماجستير والدكتوراه ، وهذه الأدوات وغيرها  ساهمت في مد الجسر الثقافي بين مصر وروسيا.
 
كما  بدأت الجامعة المصرية الروسية العمل في عام 2006 في مدينة بدر ومن أهم أهدافها إرساء دعائم التعاون العلمى مع الجانب الروسى،  حيث تم إنشاء الجامعة بالتعاون مع 7 من أفضل الجامعات الروسية، بما يضمن تقديم برامج أكاديمية متميزة، وفى عام 2011 احتفلت الجامعة بتخريج أول دفعة من كليتي الهندسة والصيدلة.
 
وعلى الصعيد الثقافى أيضاً، قام الإمام الاكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بزيارة جمهورية الشيشان الروسية في 25 أغسطس من عام 2016 وهي الزيارة التى حظيت باهتمام ضخم ليس فقط في روسيا بل في العالم أجمع، حيث حرصت القيادة الشيشانية على تنظيم استقبال تاريخي لشيخ الأزهر بما يعكس مدى التقدير الرفيع الذي توليه روسيا على كافة المستويات لمؤسسة الأزهر المصرية.
 
كما قام البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بزيارتين إلى روسيا خلال الفترة من 28 أكتوبر حتى 4 نوفمبر 2014 ثم في الفترة من22 -24 مايو 2017 لزيارة الكنيسة الروسية، وحظيت الزيارتان بنجاح كبير وساهمتا في تعزيز العلاقات بين الكنيستين القبطية والأرثوذكسية الشرقية، كما حظيتا بترحيب كبير على المستويين الرسمي والشعبي فى روسيا.
 
كما أن هناك تعاوناً كبيراً بين وزارة الأوقاف المصرية وعددٍ من المؤسسات الإسلامية الهامة في روسيا، على رأسها مجلس شورى المفتيين فى روسيا الاتحادية ومقره موسكو، والإدارة المركزية لمسلمي روسيا ومقرها مدينة “كازان” عاصمة إقليم “تتارستان”، ويقوم عدد من موفدي الوزارة بالتدريس بالمعاهد الدينية بروسيا. كما توفد وزارة الأوقاف مبعوثاً أو أكثر إلى روسيا لإحياء شعائر شهر رمضان المعظم، ويحرص الجانبان المصري والروسي على المشاركة بالتبادل في مسابقات القرآن الكريم التي تنظم لدى كلا الطرف.
 
"الضبعة"  .. مشروع مصري عملاق بالخبرة الروسية
 
في عام 2015، وقع الرئيسان السيسي وبوتين اتفاقية لإقامة محطة نووية في منطقة "الضبعة" في مصر، وهي الخطوة التي تدشن دخول مصر عصر تكنولوجيا الطاقة المتجددة من خلال الاستخدام السلمى للطاقة النووية على نطاق واسع.
 
وتستوعب محطة الضبعة إنشاء 8 محطات نووية تتم على 8 مراحل، المرحلة الأولي تستهدف إنشاء محطة تضم 4 مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء، بقدرة إجمالية 4800 ميجاوات،
 
وسيتم تمويل مشروع المحطة النووية بالضبعة من خلال القرض الروسي والذي يقدر ب 25 مليار دولار ويتم تمويل المحطة على مدى 13 دفعة سنوية متتالية ومن المقرر أن يبدأ التشغيل التجريبي لأول مفاعل نووي في المشروع في عام 2022 وفي عام 2023 سيكون التشغيل التجريبي للمشروع بعد تجارب المفاعل الأول.
 
أما عن اسباب اختيار مصر روسيا للتعاون معها في إقامة المحطة  فهو يعود لأكثر من سبب منها ، إن البرنامج النووي المصري بدأ مبكراً ومنذ الستينيات، وكان بالتعاون مع الجانب الروسي الذى ساعد مصر في إقامة أول مفاعل نووي عام 1961، كما أنها تعد الدولة الوحيدة التي تقوم بتصنيع مكونات المحطة النووية بنسبة 100%، ولا تعتمد على استيراد مكوناتها من أية دول أخرى قد تعرض المشروع للاحتكار من قبل هذه الدول، إضافة الى التسهيلات المالية، كما سيتم إنشاء مركز معلومات للطاقة النووية ونشر ثقافة التعامل معهاً، وكذلك  إنشاء مصانع روسية في مصر لتصنيع مكونات المحطة محلياً وعقد دورات تدريبية للكوادر المصرية على استخدام التكنولوجيا النووية ونقل الخبرات الروسية للمصريين .