الحد الأدنى من الحياة!!


بقلم : عادل عبد الرحيم 
 
 منذ ساعات أطلق رئيس مجلس النواب تصريحًا ناريًا بضرورة إعادة النظر فى الحد الأقصى للأجور للحفاظ على الكوادر المبدعة فى كل مفاصل الدولة.. وهذه فى تقديرى كلمات تستحق الإشادة لأنها تعكس تقدير د. على عبدالعال للموهوبين الذين يستحقون معيشة تليق بهم وبخبراتهم.. كما أنها تتماشى مع الأجور التى كان يمكنهم الحصول عليها إذا عملوا فى القطاع الاستثمارى على سبيل المثال ولن نقول فى دولة خليجية.

لكن لعل هذا التصريح سيكون أروع لو تضمن الحديث أيضًا عن مراجعة الحد الأدنى للأجور.. فهل يعلم د. على عبدالعال أن ملايين المصريين قدرهم أن يعيشوا بـ١٢٠٠ جنيه فى الشهر رغم إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى اتخذتها الحكومة المصرية خلال العام الماضى والتى اعترف رئيس مجلس الوزراء، شفاه الله وعافاه، بأنها مؤلمة.. والتى ضاعفت أسعار جميع السلع من الإبرة للصاروخ.

فبحساب بسيط إذا كان أقل إيجار من ٥٠٠ إلى ٧٠٠ جنيه شهريا إضافة إلى ٦٠ جنيها قيمة «الخبز الحاف» المدعم، و٩٠ جنيها لتعاطى «الفول» الذى يمثل الطبق الرئيسى لأغلب فئات المجتمع.. و٢٥٠ جنيها ثمن البيض، كبديل للحوم التى قفز سعرها لـ١٥٠ جنيها بخلاف الفراخ والأسماك التى يزيد سعر الكيلو منها على ٣٠ جنيها (بالعضم والشوك).. وحتى لا نكون «طماعين» فلن نتحدث عن سعر كيلو الجبن الرومى أبو ١٠٠ جنيه ولا كيلو الحليب اللى وصل ١٢ جنيها.

وإذا أضفنا إلى «حسبة برمة» هذه أسعار الفواتير التى تقصم الظهر من كهرباء ومياه وغاز فنجد أسعارها تضاعفت بشكل جنوني.. أما إذا تحدثنا عن أم الكوارث وأبوها التى يسمونها «الدروس الخصوصية» وإذا اعتبرنا أن كل تلميذ فى الأسرة يحتاج ٢٠٠ جنيه فقط لهذه العادة السيئة التى باتت هى الضمان الوحيد لاجتياز الامتحانات وليس الفهم بالضرورة، فنحن أمام حقيقة حاجة هذه الأسرة إلى ٤٠٠ جنيه شهريا رسوم الإتاوة التى تفرضها مافيا منتسبة لرسالة التعليم المقدسة، أما تكلفة المرض، أجاركم الله إياه، فهناك دعاء شهير يقول إنه ليس من حق الفقير أن يمرض، ويكفى أن نعرف أن «فيزيتة» توقيع الكشف الطبى على المريض تبدأ بـ٥٠ جنيها وبدون حد أقصى أما أسعار الدواء فحدث ولا حرج.

وبحساب بسيط سنجد أن كل رب أسرة مصرية يحتاج إلى ما لا يقل عن ٣٠٠٠ جنيه شهريا على أساس العيش على حد الكفاف والتنزه عن المغريات الدنيوية الزائلة من فسح وشراء ملابس أو زيارة مولات السبع نجوم وليس ١٢٠٠ جنيه فقط، هذا إذا التزم ذلك المواطن الصالح بنصائح الحكومة التى تتضمن خاصية الإجبار بعدم إنجاب أكثر من طفلين، أو اتباع شهوات المياه الغازية، أو حتى الانقياد خلف متاع هذه الدنيا الزائل المتمثل فى الآيس كريم، أو الجاتوهات أو المشويات المعذبات، مع الترفع عن غريزة التطلع إلى الجمبرى والاستاكوزا والحمام، فالترفع عن هذه المغريات يبشر الصالحين فى الأرض بدخول الجنة فى السماء، هذا إن وجد لهم مكان طبعا.

فى النهاية أؤكد أن هذا المقال لا يقصد أى إساءة لأى أحد أو تأجيج مشاعر أو إشاعة إحباط وإنما هو همسة فى أذن كل مسئول فى مصر لمراجعة أوضاع هؤلاء المنتظرين الخير فى العام الجديد.. أعاده الله على مصرنا الحبيبة وجميع المصريين بالخير والبركات.

نقلا عن "البوابة نيوز"