مع الاهتمام الدولى بحادث كنيسة حلوان.. تعرف على الشهيد مارمينا

دينا إسلام


تصدر الهجوم الذي شنه مسلحان على كنيسة الشهيد مارمينا في حلون جنوب القاهرة صباح اليوم الجمعة اهتمامات الراى العام العربي والعالمى ، حيث استشهد في الهجوم ثمانية مدنيين وأمين شرطة، فضلا عن مقتل أحد الارهابيين اللذين فتحا النار على متجر في المنطقة قبل كنيسة مار مينا ، فمن هو القس مارمينا الذى ينسب اليه اسم هذه الكنيسة .
 
الشهيد "مارمينا" قس عرف عنه بالتقوى و الإيمان، ينتمي إلى الطائفة الأرثوذكسية ، ذاع سيطه بعد وفاته، وذلك بعدما اكتشف المواطنين ببركته في المكان الذي دفن فيه بالقرب من محافظة الإسكندرية،  لينتشر أسم الشهيد مارمينا في كافة المحافظات حيث يبلغ عدد الكنائس التي سميت باسمه إلى 70 كنيسة، إلا أن الكنيسة الأصلية توجد بالقرب من الإسكندرية، والجسد بمنطقة فم الخليج.
 
  من هو مارمينا
 
ولد مارينا حوالي سنة 285 م، قرب مدينة ممفيس وهي الآن مدينة " البدرشين" محافظه الجيزة، و كانت والدته عاقر، ليس عندها أولاد، لتتجه إلى  الصلاة بدموع كثيرة أمام صورة القديسة العذراء مريم وتطلب منها أن تتشفع لها عند الرب لينعم عليها بطفل، وفي مرة عندما انتهت من الصلاة سمعت صوت يقول "أمين"، وعندما استجاب لها الرب وأعطاها أبناً أسمته مينا.
 
كان أبوه يحتل مركز كبير في الإمبراطورية الرومانية، ولكنه مات عندما كان عمر مينا 14 عاماً، وبعد ذلك التحق مينا بالجيش وأعطي مركز كبيرا نظراً لشهرة أبوه، أرسله الإمبراطور إلى الجزائر ولكنه استقال من الجندية بعد ثلاث سنوات.
 
اتجه القديس مينا بعد استقلاله من الجيش، إلى الصحراء وقرر أن يعيش حياة مختلفة ويكرس قلبه وحياته للرب، عاش خمسة أعوام كناسك وكان يشاهد رؤى مختلفة عن ملائكة تتوج شهداء بتيجان (أكاليل) شديدة الجمال.
 
 وذات يوم وهو يفكر في هذه الظهورات سمع صوت يقول له "مبارك أنت يا أبا مينا، لأنك دعيت لحياة التقوى منذ حداثتك، فأنك سوف تستحق ثلاثة أكاليل، أكليل البتولية، وأكليل النسك والثالث اكليل الشهادة لأنك سوف تستشهد على اسم المخلص".
 
الإعلان عن ديانته
 
وكان القديس مشغول دائماً بالتفكير ومتشوق إلى الحياة العظيمة في السماء، وفي شجاعة غامرة ذهب إلى الوالي ليعلن له عن إيمانه بالمسيح،  فأمر الوالي بتعذيبه بعذابات كثيرة متنوعة ولكن مارمينا تحمل هذه الآلام مما جذب وثنيين كثيرين ليس للمسيحية فقط ولكن للشهادة أيضاً.
 
عندما استشهد القديس مارمينا حاولوا حرق جسده الطاهر فأوقدا نار كبيرة ووضعوا فيها جسده الطاهر ولكن النار لم تؤثر فيه، وبعد ذلك جاء بعض المؤمنين ووضعوا جسد مارمينا الطاهر على جمل واتجهوا إلى الصحراء الغربية، وعند موضع معين توقف الجمل ولم يستطيعوا تحريك الجمل بكل الطرق فقاموا بدفن الجسد الطاهر في هذا المكان.
 
 بناء الكنيسة
 
في هذا المكان الذي برك فيه الجمل بماريوت بالقرب من الإسكندرية، يوجد دير الشهيد العظيم مارمينا العجايبي، وبعد عدة سنوات، كان أحد الرعاة يرعى الغنم في هذه المنطقة، وكان عنده خروف مريض وقع على الأرض، وعندما قام الخروف أندهش جداً الراعي لأن الخروف شفي تماما من مرضه.
 
انتشرت هذه القصة بسرعة وكان بعض المرضى يأتون لهذا المكان وعندما يجلسون على الرمال في هذا الموضع يبرءون مهما كان نوع المرض، وفي هذا الوقت كان للملك زينون وهو محب للمسيح، ابنة مريضة مرض شديد جداً ولم يستطع أحد علاجها ، فأقترح عليه مستشاريه أن يجرب زيارة هذا المكان.
 
 عندما ذهبت أبنه الملك لهذا المكان وضعت رمل من المكان على جسمها، وفي الليل ظهر لها القديس مار مينا في حلم ، واخبرها أن جسده مدفون في هذا المكان، وفي الصباح ذهبت للاستحمام في بحيرة مريوت فشفيت من مرضها، فأخبرت الخدم الذين معها بالرؤية التي رأتها.
 
 ولما علم والدها الملك زينون بما حدث أمر بحفر المكان وإخراج جسد مارمينا المقدس وبناء كاتدرائية عظيمة في هذا المكان، وكذلك حث الأغنياء على بناء قصور ومساكن لهم في هذا المكان.
 
 ولم يمضي وقت طويل حتى أصبح هناك مدينة عظيمة تحمل اسم القديس في هذا المكان. وكانت معروفة بمدينة الرخام لفخامة مبانيها الرخامية.
 
 وكان مرضى كثيرين من جميع انحاء العالم يأتون لزيارة هذا المكان وكانوا يشفون من أمراضهم بشفاعة القديس مارمينا العجايبي لأن عجائب ومعجزات كثيرة حصلت بسبب شفاعته.
 
إهمال المدينة
 
وكانت القوارير الخزفية (زجاجات مصنوعة من الطين) مملوءة بالماء أو الزيت للبركة تعطى للزائرين، وظلت المدينة عظيمة حتى دخول العرب مصر، بدأ الإهمال والخراب في المدينة. وفي زمن هارون الرشيد حدث هجوم وحشي على المدينة وحرقت معظم أرجاءها.
 
وفي زمن الوالي المأمون وكان والي على مصر أمر بهدم المدينة كلها، واستولى على الأعمدة الرخامية واستخدمها في بناء القصور والمساجد، وفي القرن الرابع عشر وجد بعض الناس في مريوت صندوق خشبي.
 
فأحضروا هذا الصندوق إلى الحاكم، ففتحه فوجد داخله مجموعة من العظام ملفوفة في قماش، فأمر الطباخ برمي الصندوق في النار، وبعد ذلك ذهب الطباخ في الليل ليعد الطعام وجد عمود من النور صاعد من النار من موضع عظام القديس، أمر البابا بنيامين بنقل عظام القديس إلى كنيسة القديس مارمينا بفم الخليج (مصر القديمة – القاهرة).
 
تحديثات الكنيسة
 
في القرن العشرين فقط بدأت بعثات عالمية البحث عن المدينة الأثرية المخربة، وبعد أن أصبح القديس البابا كيرلس السادس بطريركاً عام 1958م وضع حجر الأساس لدير كبير وكاتدرائية عظيمة على أسم الشهيد مارمينا في موضع قريب من مكان المدينة الأثرية، بماريوت  بالقرب من الإسكندرية.
 
أيقونة مارمينا
 
يحتفظ متحف اللوفر بباريس بأيقونة قبطية من القرن الخامس فيها نرى السيد المسيح يضع يده على كتف القديس مارمينا في مودة فائقة، تكشف هذه الأيقونة عن نظرة الكنيسة للقديسين، وهي التعرف من خلالهم على حنو الله الفائق واشتياقه نحو المؤمن ليُقيم معه عهد حب وصداقة على مستوى أبدي.