بيئة العمل والموارد البشرية .. توغل السلطات فى الإدارة


بقلم : محمد عبد المنعم 

تكلمنا فى مقالنا السابق عن الإدارة الفاشلة وتأثيرها على بيئة العمل وعرفنا الفشل الإدارى ، وبينا بعض اسبابه ، والقينا الضوء على بعض خصائص المدير الفاشل، وسوف نوضح فى مقالنا هذا أحد العوامل الرئيسية للفشل الإدارى وهو (( توغل السلطات فى الإدارة )).
 
منذُ بدأ الاهتمام بدراسة الإدارة كعلم يمكن تأطيره جرتْ محاولات عدّة لتعريفه، وقد انقسم مفكري الإدارة بين مدرستين ، حيث قام أصحاب المدرسة الأولى بتحليل العمل الإداري الذي يقوم به المديرون إلى وظائف ومهام محددة، وبنوا على ذلك تعريفاتهم، بينما قام أصحاب المدرسة الثانية بالتركيز على طبيعة الإدارة، وبنوا على ذلك تعريفاتهم.
 
يعد الفشل الإداري ممارسة إدارية خاطئة تقع من بعض المديرين داخل منظماتهم أو حتى خارجها ، تتباين أسبابه باختلاف أنماط المديرين والظروف البيئية المحيطة بهم. تلك الممارسات الإدارية الفاشلة يكون ضحيتها في الغالب مصلحة العمل والمرؤوسون على حد سواء ، فالمدير الفاشل قد يسبب فشله الإداري خسارة كبيرة للمنشأة التي يديرها وربما يخسر أتباعه إن لم يحسن التعامل معهم.
 
وقد يكون الفشل الإداري ناتجا عن توغل السلطات العليا على مستويات الإدارة ، وذلك بتعدى على السلطات الادنى منه حتى يصل تعامله المباشر مع الفئة المنفذة تاركا روئاسهم فى الخلف ، بمعنى ان السلطة الاعلى تحاول ان تكون هى المهيمنة على المنفذين تاركة من دونها بلا اهمية ، الشئ الذى يجعل المنفذون لا يهتمون برؤاسهم المباشرين لانهم يأخذون أوامرهم من السلطات الأعلى ، وقد يودى ذلك الى قيام السلطات الوسطى لا يهتمون بخطوات التنفيذ ، ولا يتابعون مرؤسيهم فى تنفيذ الاعمال اعتماد على ان من يعلوهم فى السلطة يقومن بالمتابعة المباشرة ،واهمالهم كمديرين وتجاهل خبراتهم يجعلهم يجلسون يتفرجون ،ولا يقدمون افكارهم حتى لو سار الاتجاه الى اسقاط الاعمال ، وعدم انجازها فى المواعيد المحددة ، تبعدها عن تحقيق الهدف مما يسبب فى تكلف المنشاءة بخسائر مالية وإدارية .
 
الخسائر المالية معروفةلنا وهى عدم تحقيق ارباح ، اما الخسائر الإدارية تتمثل فى بعد الادارة الوسطى عن مجال العمل الذى فرضته عليها السلطات الاعلى بعزلهم بطريقة غير مباشرة ، بسبب التعامل المباشر بين السلطة العليا والمنفذين ، بمعنى (( ان المديرين يكبرون دماغهم ويبقوا متفرجين )) ، وهنا تظهر التمسك بالعناصر التالية :
 
المركزية الشديدة للإدارة:-
 
حيث تؤدي المركزية الشديدة إلى إنشغال القيادات بالروتين والعمل اليومي على حساب التوجهات الإستراتيجية للمؤسسات مما يؤدي إلى التأخر في جميع الإتجاهات، حيث أننا نجدهم لا يعطوا أو يفوض صلاحيات للآخرين لإنجاز مهامهم بالشكل المثالي، حيث أن هذه السياسة تعتبر مشكلة كبيرة خاصة حينما يكون المخول بالصلاحية غير متواجد، قد ينتج عن ذلك تأخر وعدم سير العمل بالشكل المطلوب، فلا بد أن يعطى الصلاحيات بشكل مناسب ومقنن كلا على حسب وظيفته حتى يتم إنجاز العمل بشكل إنسيابي ومرضي للجميع.
 
الغموض في مفهوم الإدارة ومهنيتها:-
 
تتسليم السلطات زمام إدارة المنظمة ،فبالتالي تسير أمور الإدارة بشكل عشوائي مما قد يؤدي إلى فشل الإدارة في وقت قياسي، لأننا كما نعرف أن الإدارة علم وفن وقيادة.. فللأسف نجد في مجتمعاتنا الكثير من هذه الأمثلة حيث نجد الإدارة العليا تنزل بتعاملتها الى ادنى مع المنفذين ،وليس لديه أي دراية بأبجديات إدارتهم، ولا يحملون أي فكر أو مهارة عنهم وهناك الكثير والكثير من ذلك، ان الإدارة العليا لها وجبات اسمى من ذلك تشمل على التخطيط والتوجيه ،فيجب أن يضع كل من مستوى إدارى في مكانه المناسب إذا ما أردنا النجاح.
 
تسرب الكوادر والكفاءات المميزة:-
 
ويرجع ذلك لأسباب مختلفة منها توغل السلطات وذلك من خلال تدخلها فى الادارة الدنيا وقد تعمل على تجاهلها ، حيث يمثل ذلك خسارة مضاعفة لهذه المنظمات ، وحيث أن ترك المنظمة لهذه الكفاءات في أن تتسرب منها يسبب لها خسائر فادحة .
 
غياب المسؤولية والرقابة الذاتية والإنتماء:-
 
حيث أصبح توغل وتداخل السلطات لدى الكثير من ذو السلطة دون أدنى إنتماء حقيقي لأهداف المنظمة وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، ويتبلور ذلك المفهوم في عملية عدم الولاء والإنتماء للمنظمة بالطريقة التي يجب أن يكون عليها كل فرد منتميا لتلك المنظمة، حيث أن جعل تسلطهمن خلال موقعه هدف أساسي وشخصي دون النظر للأهداف الرئيسية للمنظمة التي يجب أن يسعى إليها كل فرد في تحقيقها من خلال أداء وإنجاز المهام بكفاءة وفعالية، ولا ننسى عملية العواطف الإدارية من خلال المجاملات في عملية التعيينات والمميزات التي تمنح للمعارف والأقرباء.
 
الخلاصة : على الاجهزة الإدارية بكافة انواعها إعادة تقييم الاعمال التى تقدم من خلالها وفقا للقواعد والاساليب العلمية فى الإدارة الحديثة التى تهدف الى سمو وعلو المنظمة حتى تصل الى اعلى قدر من النجاح وتحقيق اهدافها التى رسمتها السياسة العامة للمنظمة ، وان يكون الاهتمام الاول للسلطات هو تطبيق مبدأ تحقيق الصالح العامة للمنظمة الذى يعود بدورة على الدولة .
 
والى مقال أخر بإذن الله .....