ماذا إذا لم تنتبه جمعيات التمويل متناهي الصغر!!


بقلم: حسن إبراهيم

أصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية مؤخراً التقرير السنوي عن نشاط التمويل متناهي الصغر في نهاية عام 2017 ، والذي يلقي الضوء علي مقدمي الخدمة المرخص لهم من الهيئة وتوزيع المحفظة من حيث النوع (ذكر/أنثي) والمنتجات المالية المقدمة (فردي / جماعي ) وقطاعات الأنشطة المخدومة ( تجاري / خدمي / صناعي / زراعي ) ، وأفاد التقرير أن المحفظة النشطة لمقدمي الخدمة الحاصلين علي الترخيص من الهيئة بنهاية عام 2017 من (جمعيات / مؤسسات) أهلية وشركات التمويل متناهي الصغر وصلت الي 2.26 مليون عميل و 7.12 مليار جنية .
 
ورغم طفرة النمو المحققة بنهاية عام 2017 بحجم المحفظة إلا أن فجوات التغطية مازالت كبيره إذا ما استدللنا عليها بالدراسة التي قام بها الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر والتي قدرت حجم الطلب علي منتجات التمويل متناهي الصغر بمصر بـ 10 مليون عميل محتمل ومستهدف من النشاط بقيمة محفظة محتملة ومستهدفة تقدر ب 30 مليار جنيه.
 
وأتصور أن أحد أهم أسباب تحقيق هذا النمو هو صدور قانون 141 لعام 2014 والذي أعطى الفرصة لرؤوس الأموال للإستثمار بصناعة التمويل متناهي الصغر مما ساهم ان من بين مقدمي الخدمة الآن ثلاث شركات وهم ( تنمية ، ريفي ، تساهيل ) ، وبإلقاء الضوء على آداء الشركات الثلاثة خلال عام 2017، نجد أنها حققت نمو سريع وكبير إذ كانت تستحوذ بنهاية عام 2016 علي  15.8% من إجمالي عدد العملاء و 23.3% من إجمالي قيمة المحفظة وخلال عام واحد فقط أصبحت تسيطر على 24.6 % من إجمالي قاعدة العملاء و 35.3 % من المحفظة النشطة للسوق.
 
وبحصول ثلاث شركات جديده بعام 2018 على الترخيص المؤقت لمزاولة نشاط التمويل متناهي الصغر وهم (سنده ، تمويلي ، أمان ) أتوقع أن تختلف حصص اللاعبين بالسوق في نهاية هذا العام، كل الاختلاف عن الوضع الحالي وبالخصوص أن كل شركة من الشركات الجديده سوف تسعى للحصول علي أكبر حصة من السوق.
 
وبالرغم أن دخول الشركات بهذه الكثافة بعام 2018، سوف يضيف مزايا متنوعة للسوق منها انتشار صناعة التمويل متناهي الصغر وزيادة معدلات تقديم الخدمات المالية لعملاء التمويل متناهي الصغر، إلا أن ذلك قد يثير مخاوف ممارسي الصناعة من جمعيات ومؤسسات أهلية تجاه تلك الشركات ومن أهمها أن تعمل الشركات الجديده علي استقطاب الموظفين الموجودين بالجمعيات والمؤسسات الأهلية مما يجرّف الجمعيات من خبراتها الوظيفية ، وأيضاً ان تستهدف الشركات الجديدة نفس عملاء الجمعيات ولا تستقطب شرائح جديده غير مخدومة من الجمعيات وهي الشرائح التي تحتاج لمبالغ كبيره نسبياً من 20 إلي 100 ألف جنيه وعندها تصبح الشركات حلقات متصلة لترقية وتنمية العميل منذ البداية حتي تصبح تلك الشرائح من العملاء قادرة علي التقدم للقطاع المصرفي والحصول على قرض أكبر من 100 ألف جنيه.
 
وبالرغم أن الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر يعكف الآن علي إصدار ميثاق شرف لصناعة التمويل متناهي الصغر يتناول تنظيماً مهنياً واضحاً للنقاط السالف ذكرها ، إلا أنه على الجمعيات والمؤسسات الأهلية أن تعترف بأنها مقبلة علي منافسة قوية مع تلك الشركات الجديدة ، فعلى الجمعيات الآن بإختلاف فئاتها أن تعترف بأنه لم يعد يوجد مكان للهواه و انها يجب أن تدار بفكر مؤسساتي وكأنها مؤسسات مالية بقواعد وأسس مهنية سليمة وأن تبذل قصارى جهدها في البناء المؤسساتي ورفع كفائتها المهنية وقدرتها علي المنافسة ، وإذا لم تتحرك فإنها سوف تخرج من قاطرة الصناعة لا محال. على العموم، فإن الكرة الآن في ملعب الجمعيات وعليها أن تعي أن (من لا يتقدم يندثر).
 
** المدير العام للاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر