حلاوة شمسنا


بقلم : شيرين سيف الدين 

محصل الكهرباء .. ذلك المسكين أصبح عدو كل منزل ، وكأنه يُحَصِل الأموال لجيبه الخاص ، أو هو من قدر قيمة الفاتورة.. يستقبله سكان المنازل بوجه عبوس ، وتذمر في كل مرة يقدم لهم الفاتورة.. مسكين ذلك الرجل أشفق عليه من كل قلبي ، فما ذنبه وهو ليس إلا موظفا يقوم بدوره ، ولكن السؤال الذي يراودني ياترى كيف يستقبل هو وأهل بيته محصل الكهرباء في منطقتهم ؟!
 
إن الزيادة الكبيرة في فواتير الكهرباء أصبحت تؤرق الجميع الغني والفقير ، إلا أنها كانت ضرورة حتمية من أجل بناء محطات جديدة بدلا من المتهالكة ، بعد أن مرت مصر وشعبها بفترة ظلام رهيبة ، كان المواطن يعاني فيها الأمرين ، وكانت الحياة شبه مشلولة ، غير أن سلوك أغلب المواطنين يميل للإسراف ، والطبيعي أن لكل شيء ثمنه ، فجاءت الزيادة في قيمة الفاتورة لتعلمنا جميعا الترشيد وتجبرنا عليه إن أردنا خفضها .
 
ولكن السؤال المطروح الآن هو أليس هناك حل يساعد في رحمة المواطن من تلك التكلفة المرتفعة دون أن تتحمل الدول أعباءه كاملة ؟

أعتقد أن الحل الأمثل هو في تبني الدولة مشروعا قوميا للتحول للطاقة الشمسية .

فمصر التي استطاعت أن تحول أغلب المنازل إلى الغاز الطبيعي ، واستطاعت أن تقوم ببناء محطات كهرباء عملاقة في زمن قياسي ، واستطاعت حل مشكلة العشوائيات بشكل كبير وتحقيق ما لم يكن في البال تحقيقه في فترة وجيزة ، في تقديري أنها حال اتخاذها قرار تحويل المنازل لاستخدام الطاقة الشمسية فإنها ستحقق الهدف وبنجاح ، فالطاقة الشمسية تعد من أكثر مصادر الطاقة المتجددة وفرة في مصر ، حيث إن  مصر تعتبر من البلاد التي تتمتع بضوء الشمس معظم أوقات العام، وبنسبة عالية ويصل متوسط فترة سطوع الشمس الى 6 ساعات يوميا تقريبا ، والنظام الشمسي سيقوم خلال تلك المدة بإنتاج الطاقة التي سيحتاجها المنزل ، ويقوم بتخزينها في بطارية لاستخدامها وقت الحاجة ، وأنظمة الطاقة الشمسية للمنازل عبارة عن تكنولوجيا تقوم بتحويل أشعة الشمس ( المجانية ) الساقطة علي الألواح الفولتوضوئية، إلى طاقة كهربية نستطيع استخدامها لتلبية احتياجاتنا داخل المنزل .

كما أن الطاقة الشمسية تعد من أشكال الطاقة المتجدّدة، والنظيفة، وهذا ما يكسبُها ميزةَ الأمان البيئيّ كونها لا تلوّث الجوّ، ولا تخلّف الفضلات من خلفها، مما يكسبُها مزايا رائعة مقارنةً بغيرها وتعتبر التقنية التي تستخدم معها بسيطةً وغير معقّدة مقارنةً بمصادر الطاقة الأخرى التي تحتاجُ لأحدث التقنيات.
 
إن تبني الدولة لمثل هذا التحول يأتي بداية بتشجيع الابتكارات في هذا المجال ، وإنشاء مصانع الألواح الخاصة ، بتقنية سهلة ، وتكلفة معقولة لتوفيرها للمواطن بسعر مناسب أو بالتقسيط ، وفي اعتقادي أن المواطن الذي يكتوي بنار فاتورة الكهرباء لن يمانع أبدا في البديل الموفر ، بل هو يتمناه وسيسرع في اقتنائه حال مناسبة سعره وسهولة الحصول عليه وتركيبه وصيانته.

كما أن الدولة عليها الاتجاه تدريجيا ومن باب ترشيد استهلاك الكهرباء إلى تحويل جميع أعمدة الإنارة في الشوارع للطاقة الشمسية ، وأيضا الاشتراط على من لهم حق الانتفاع بيافطات الإعلانات الخارجية  أن تتم إضاءتها باستخدام الطاقة الشمسية ،  وكذلك البدء بتحويل المباني والجهات الحكومية والنوادي والمجمعات السكنية الجديدة  ، ثم تكملة الخطة الكبرى بأن تتحول جميع مدن مصر إلى الطاقة النظيفة وهو ما سيعود بالفائدة على جميع الاطراف .

فلماذا لا نستفيد بحلاوة وسطوع شمسنا ، ونرحم المواطن من عبء الفاتورة والمحصل من الوجوه العابسة .. ويا دار ما دخلك شر .