شركات القطاع العام .. دينامو الاقتصاد المتعطّل


نسرين أبوالمجد

يشهد ملف شركات قطاع الأعمال الخاسرة اهتمامًا حكوميًا غير مسبوق مدعومًا بتوجيهات سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى لسرعة دراسة أوضاع هذه الشركات المتعثرة واتخاذ القرارات الفورية والحاسمة بشأنها، فى إطار المبدأ الراسخ بتحسين إدارة أصول الدولة والتنمية الشاملة التى تشهدها قطاعات الدولة, وذلك طبقًا لما أكده سيادته مؤخرًا فى اجتماعه مع المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء وخالد بدوى وزير قطاع الأعمال.

ويأتى التركيز على ملف الشركات المتعثرة بالقطاع البالغ عددها ٤٩  من أصل ١٢١ شركة بعد  الحراك الذى شهده القطاع على مدار الـ ٣ سنوات الماضية فى تحول جزء لا بأس به من شركاته من الخسارة إلى الربح بعد انهيار عانى منه قطاع الأعمال لأكثر من ٣٠ سنة، ويرجع هذا التحسن إلى العديد من إجراءات الإصلاح التى تم اتباعها خلال هذه السنوات.

ففى عام ٢٠١٤ كانت خسائر شركات قطاع الأعمال العام ١,٢مليار جنيه وتم تقليل الخسائر إلى نحو ٣٢٣ مليون جنيه فى عام ٢٠١٥، وبدأت بعد ذلك بعض شركات القطاع بالتحسن التدريجى لتحقق فى عام ٢٠١٦  إجمالى إيرادات ٦٠,٨مليارجنيه مقابل ٥٥مليار جنيه العام المالى السابق وتسجل صافى ربح ١,٦مليار جنيه، ويرتفع عدد الشركات الرابحة إلى ٦٦ شركة مقارنة بـ٥٣شركة العام السابق، ومع مزيد من التحسن وصل عدد الشركات الرابحة إلى ٧٢ شركة مع تحقيق صافى أرباح يتجاوز ٧ مليارات جنيه عام ٢٠١٧، بالإضافة إلى زيادة توزيعات الخزانة العامه للدوله من أرباح شركات قطاع الأعمال من ٨٠٠ مليون جنيه فى ٢٠١٤/ ٢٠١٥ إلى ٣ مليارات جنيه فى ٢٠١٦ / ٢٠١٧.

ولكن لاتزال الشركات الخاسرة بالقطاع  تمثل التحدى الأكبر بما تحمله من مشاكل وأزمات وتتركز الشركات المتعثرة بالشركة القابضة للغزل والنسيج حيث لديها العدد الأكبر من الشركات الخاسرة حيث يوجد لديها ٢٤ شركة خاسرة وبلغت خسائرها خلال عام ٢٠١٧ نحو ٢,٥ مليار جنيه، ويليها الشركة القابضة للكيماويات حيث لديها ١٠ شركات خاسرة فى مقدمتها القومية للأسمنت والنقل والهندسة وسيجوارات والدلتا للأسمدة ,وبلغ إجمالى خسائر القابضة للكيماويات نحو ٢,١ مليار جنيه ، ثم القابضة المعدنية بحجم خسائر يصل إلى ١,٢ مليار جنيه ولديها ٩ شركات خاسرة فى مقدمتها الحديد والصلب والنصر للمطروقات والدلتا للصلب ،والقابضة للنقل شركتان وبلغت خسائرها ٨٠ مليون جنيه ,أما القابضة للتشييد فبلغت خسائرها ٧٠ مليون جنيه بسبب الشركات التجارية التابعة لها وفى مقدمتها عمر أفندى.

وتتمثل ملامح خطة وزارة قطاع الأعمال لإعادة هيكلة وتطوير الشركات المتعثرة فى دراسة أوضاع الشركات فى ضوء ظروف الصناعة والنشاط الذى تعمل به كل شركة على حدة ودراسة وتحليل الأسباب الحقيقية للخسائر ووضع حلول جذرية وغير تقليدية لوقف نزيف الخسائر.

حيث إن هناك شركات متعثرة سيتم إعادة هيكلتها بشكل شامل لتحويلها من الخسارة إلى الربح، أما بالنسبة للشركات شديدة التعثر فستتم دراسة إمكانية تغيير نشاطها أو الاستفادة منها فى بدائل أخرى بطرق غير تقليدية، وتوجد  خطط جديدة قيد الدراسة والتفاوض لتطوير الشركات العاملة فى مختلف القطاعات خاصة الصناعات الاستراتيجية ذات الربحية العالية، حيث إن هناك تصورًا لإصلاح شركات الأدوية والأسمدة والحديد والصلب، إلى جانب دراسة دمج الشركات العاملة فى صناعة السيارات فى كيان قوى والتفاوض مع شركات عالمية للدخول فى شراكة لإنشاء خطوط إنتاج للصناعات المغذية للسيارات وكذلك الجرارات الزراعية والمولدات الكهربائية بهدف تلبية احتياجات السوق المحلية وكذلك التصدير إلى الخارج.

كما أن النهوض بصناعة الغزل والنسيج يأتى على رأس أولويات الوزارة،  حيث يتم التفاوض مع بنك الاستثمار القومى لتسوية المديونية المستحقة على الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس كخطوة أولى لتسوية مديونيات باقى الشركات وأساسية فى إطار خطة التطوير، إلى جانب العمل على تحسين وتطوير نظم وأساليب الإدارة فى الشركات التابعة، بالتوازى مع البدء فى تنفيذ دراسة المكتب الاستشارى المتخصص لإعادة هيكلة الشركات من خلال تطوير المحالج لتعظيم ربحية شركات حليج وتجارة الأقطان، وكذلك تحديث ماكينات ومعدات شركات الغزل لمواكبة التطور الصناعى، مع دراسة عدة بدائل بشأن الشركات شديدة التعثر لاختيار أفضلها، وذلك بهدف رفع الجودة والإنتاجية لتحقيق التنافسية وزيادة الصادرات.

وأيضًا العمل على تجهيز ملف شركات القطاع التى سيتم طرحها بالبورصة والتى تصل إلى ١٠ شركات مع  دراسة زيادة نسبة تداول  بعض شركات القطاع المدرجة بالفعل  بالبورصة، وحصر الأصول غير المستغلة لشركات قطاع الأعمال  والاستفادة منها فى تنمية عوائد القطاع. وأكد الخبراء أن من أسباب استمرار خسائر قطاع الأعمال سوء الإدارة وعدم وجود قيادات مؤهلة لإدارته بأسلوب إدارة يتماشى مع السوق وبفكر رجال الأعمال الذى يعتمد على  الاتجاه إلى  الربحية والاستغلال الأمثل للأصول، وبالأخص أن قطاع الأعمال يمتلك ثروات هائلة تتمثل فى حجم أصوله التى قدرتها بعض مراكز الأبحاث الاقتصاديه بـ٣ تريليونات جنيه، واعتبر الخبراء الحل للنهوض بشركات قطاع الأعمال الخاسرة هو إعادة الهيكلة الشاملة التى تتمثل فى وجود رؤية متكاملة للتطوير ، وتنفيذ اقتراح إنشاء صندوق سيادى لإدارة أصول القطاع .

وقال د. رشاد عبده ، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والمتخصص فى قطاع الأعمال العام :  إن قطاع الأعمال بدأ اولى خطى الإصلاح لوجود إرادة سياسية داعمة لهذا القطاع من الرئيس عبدالفتاح السيسى لم يشهدها القطاع من قبل.

وأضاف :إنه على مستوى الشركات الخاسرة بالقطاع نجد أن مثيلها فى القطاع الخاص الذى يقدم نفس المنتج يحقق أرباحًا ممتازة, فجميع شركات الأسمنت تحقق مكاسب خيالية ولا توجد شركة خاسرة غير القومية للأسمنت التابعة لقطاع الأعمال والتى وصلت خسائرها العام الماضى مليار جنيه ,بالإضافة إلى ٣ مليارات جنيه ونصف المليارمديونيات بسبب الغاز ، و نفس الأمر بالنسبة لشركات الأسمدة.

واعتبر عبده أن اقتراح  إنشاء صندوق سيادى  لإدارة أصول قطاع الأعمال سيكون له مردود إيجابى على الشركات الخاسرة بشكل خاص التى يمكن إصلاحها وإعادة هيكلتها وتصفية الشركات التى لم يعد لها جدوى اقتصادية وتوجيه أصولها لهذا الصندوق لإنفاقها على شركات أخرى، والاستغلال الأمثل لأصول قطاع الأعمال غير المستغلة  وإعادة تأهيل العاملين بهذه الشركات التى تم تصفيتها وتدريبهم وتحويلهم إلى شركات أخرى داخل القطاع للاستفادة منهم، وفتح ملفات الفساد بالشركات ومحاسبة المسئولين عنها.

وأوضح الخبير الاقتصادى صلاح حيدر أن أوضاع شركات القطاع بدأت تظهر علامات تحسن وبارقة أمل فى إصلاح بعضها لكن لاتزال التحديات التى تواجه هذا القطاع صعبة ,وبالأخص الشركات الغارق منها فى الخسائر، وأكد أن أكبر التحديات فى سبيل إصلاح شركات قطاع الأعمال  الخاسرة زيادة عدد العاملين بهذه الشركات عن حاجة العمل أو الاستفادة الحقيقية منهم فيعمل فى قطاع الأعمال مايقرب من ٢٣٠ ألف عامل يكلفون الدولة رواتب ١٤مليار جنيه سنويًا، فشركات الغزل والنسيج بقطاع الأعمال سبب أبرز خسائرها إلى جانب تقادم الآلات.

نقلا عن "روز اليوسف"