صنع في مصر


بقلم : شيرين سيف الدين 

هناك دور كبير على المواطنين كافة وعلى ذوي الدخول العالية تحديدا في أي دولة في المساعدة في الارتقاء بها وباقتصادها ، ولا تقتصر هذه الأدوار على التبرعات سواء للدولة أو التكافل الاجتماعي ومساعدة الفقراء ، ولكن باتخاذ خطوات جدية لتعديل السلوك الاستهلاكي والتفضيلي للمنتجات، وأولى هذه الخطوات تتمثل في استبدال المنتج المستورد بالمحلي حال تواجد بديل مشابه له في الجودة ومنافس في السعر .

مثل تلك الخطوة تعد من أهم الخطوات  للارتقاء بالاقتصاد المصري، فتفضيل المنتج المحلي يشجع رجال الأعمال المصريين والاجانب على الاستثمار في مصر وانشاء المزيد من المصانع بدلا من الاتجاه للاستيراد بعد التأكد من رواج ما يكتب عليه ( صنع في مصر ) ، وبالتالي تشغيل عدد أكبر من البشر وفتح المزيد من البيوت ، والعائد الأهم هو المساعدة في ازدهار العملة المحلية  ، فالدولة لا تستطيع منع أو وقف الاستيراد ، أما المواطن فيستطيع حينما يوجه قوته الشرائية الأكبر للمنتج المحلي .. فالقاعدة دائما تقول ( إن المحلي يفتح المزيد من البيوت والمستورد يغلق أغلبها ) .

نعلم أن الكثيرين اعتادوا على المنتج المستورد لجودته العالية ، لكن في بعض الأحيان يكون الاختيار منبعه التعود والتشكك دون تجربة ومقارنة فعلية ،  فبالبتجربة الشخصية تحولت تدريجا لاستبدال العديد من المنتجات بالمحلية بعد أن وجدتها لا تقل في جودتها عن أفخر الأنواع إلا بنسبة بسيطة ، فعلى سبيل المثال كنت أفضل أحد أنواع الشوكولاتة الشهيرة المختلطة بالنعناع ذات الثمن المرتفع ، وبتجربة البديل المصري أقلعت تماما عن شراء المستورد لقربه في المذاق وحتى جودة التغليف وقلة سعره ، كذلك هو الحال مع العديد من منتجات الأجبان والملابس وبعض مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة.

وفي المقابل أيضا هناك دور كبير للمستثمرين ورجال الأعمال في جذب المواطن للمنتج المحلي ، عن طريق الاهتمام بالجودة وتحسين المنتج باستمرار ، وقياس رأي المستهلكين عن مدى رضائهم عنه ومعرفة عيوبه وتفاديها ، 
فلا يمكن أن ندعو مستهلكا لتقبل منتج دون المستوى ، ولكن الدعوة تكون للمنتج المنافس بشكل حقيقي دون غش أو خداع .

إن علينا جميعا إن أردنا رفعة الوطن وتحسين أحواله ، القيام بأدوار إيجابية ولو كانت بسيطة ، فما نظنه قليلا قد يحقق على أرض الواقع الكثير ويعود على الجميع بالخير  .

فلننظر إلى تواريخ الدول المتقدمة ونتعلم من الأدوار التي لعبتها الشعوب بجانب حكوماتها ، سواء كانت دولا غربية أو شرقية عانت من ويلات الحروب والدمار الاقتصادي ، أو دولا خليجية كانت تحيا حياة بدوية بسيطة ، واستطاعت حكوماتها بمساندة الشعب ووعيه الوصول للتقدم المنشود  .

فالإرادة الشعبية دائما وأبدا هي الأداة الأقوى للتغيير في أي مجتمع ، وكما قال الشاعر: 
إذا الشعب يوما أراد الحياة ... فلا بد أن يستجيب القدر .