بولا وجيه يكتب: في التذكار السادس لشنودة الثالث


في عام 1971 دقت أجراس الكنيسة فرحاً لتعلن اختيار الأنبا شنودة أسقف التعليم والخدمة الكنيسة والمعاهد الدينية بطريرك لكنيسة الأرثوذكس وليكون الخليفة رقم 117 على الكرسي المرقسي، كرسي مرقس الرسول مبشر مصر، وليكون البابا ال117 في باباوات الإسكندرية.

وبعد 40 عاماً تقريباً دقت نفس الاجراس ولكن بطريقة الحزن، لتزف البابا شنودة الثالث لمثواه الأخير، ولتبكي معها كل القلوب المصرية التي عشقت ذلك الرجل، باختلاف الطوائف السياسية أو الديانات السماوية حتى، فهو من القلائل التي اتفقت عليها جموع الشعب المصري.

فلو تحدثنا على الثقافة، فسيكون مثلث الرحمات مثالاً للثقافة الواسعة في شتى المجالات، ويعرف كيف يتحدث بحكمة في كل ما يعرفه، فهو كان ضابطاً وكان شاعراً وأديباً وصحفي أيضاً، ولا ننسى أنه من أصحاب المعرفة الواسعة في التاريخ أيضاً.

ولو تحدثنا عن حب البلد وحب مصر، فلا بد أن نتذكر دعمه وحبه الشديد لمصر، وكان عندما عرضوا عليه جهات خارجية حماية الأقباط باعتبارهم أقليات في مصر، كان رده حازماً بالرفض، وكانت له جملته الشهيرة التي مازالت حية في نفوسنا وعقولنا حتى اليوم وهي "مصر وطن يعيش فينا وليس وطن نعيش فيه".

أبوته كانت مثالاً جيداً، فكان يعشق الفكاهة في الاجتماع الأسبوعي او في أي فرصة أتيحت له، وكان يعامل الكل بحب واحترام وابوة حقيقية.

وموقفه تجاه القضية الفلسطينية لا يقدر أحد أن ينساه أو يزايد على وطنيته فهو الذي منع أن يسافر الأقباط إلى القدس، إلى أن يدخلها المسيحي مع المسلم يداً بيد بعد القضاء على الاحتلال اللعين.

ولا ينكر أحد حبه لأبناءه أكثر من أي شيء أخر، فأتذكر بعد موقعة ماسبيرو، ورده الشهير على الأشخاص الذي أرسلهم طنطاوي ليقابل قداسته في مكان حدده الثاني مسبقاً، ليجيبهم لو هو رئيس المجلس العسكري فأنا رئيس أكبر وأقدم كنيسة وأبنائي هم الذين أعتدي عليهم.

سلاماً لروحك في تذكارك أبي القديس، وسلاماً لروحك أيها الفيلسوف الضاحك، يا من جمعت بين حكمة سليمان، وأبوة المسيح، وشجاعة داؤد النبي.َ