ملائكة الأعمال بمصر !!


نهى الشرنوبي 

في مالطا وهى واحدة من أصغر دول العالم ، تقوم ملائكة الاعمال بجمع اعتمادات مالية لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقوم بربط اصحاب هذه المشاريع بمجموعة من المستثمرين الاوروبيين والعالميين وهناك ملائكة أعمال في جميع انحاء العالم من خلال مواقعهم الإلكترونية تمكنوا من إنشاء العديد والعديد من المؤسسات والجمعيات الاستثمارية من خلال التمويل الجماعي الذي يقوم بزيادة رؤوس أموال المشاريع متناهية الصغر بمبالغ صغيرة تجمع من عدد كبير من المستثمرين عن طريق شبكة الأنترنت ، ومن الأمثلة الشهيرة لملائكة الأعمال جمعية المستثمرين UKBAA الشهيرة والتي تقوم برعاية المستثمرين في قطاعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المملكة المتحدة و رابطة رأس مال ملائكة الأعمال بسان فرانسيسكو. 
ويبدو أن هناك في الآونة الآخيرة اهتمام بمواكبة هذا النظام العالمي بمصر والذي يشجع على زيادة الاستثمارات وتمويل الشركات الناشئة الصغيرة والمتوسطة ، حيث أطلق المهندس سمير العلايلي مبادرة انشاء جمعية ملائكة الأعمال المصرية ، بمؤتمر نظمت فعالياته شعبة المحررين الاقتصاديين التابعة لنقابة الصحفيين مؤخرا ؛ موضحا أنه من الأهمية بمكان تجميع ملائكة أعمال بمصر تحت مظلة واحدة لتنمية الشركات الاستثمارية الناشئة الصغيرة والمتوسطة بمصر و رعاية أرباب الأعمال وتعريفهم بطرق تكوين وإنشاء الشركات لتكون جاذبة للمستثمرين والتعاون مع الجامعات المصرية لأنشاء حضانات للأعمال لرعاية الأفكار الاستثمارية وتكبيرها وتعريف المستثمرين بفرص الاستثمار في بعض الشركات التي تحتاج لتمويل و الأهتمام بنشاط التمويل الجماعي ورعايته ومتابعته وربط مجتمع البنوك بالجمعيات الاستثمارية والمستثمرين والاتصال بالجمعيات الاستثمارية المماثلة حول العالم لجذب الاستثمارات في هذا القطاع والاهتمام بالاتصال بالشركات المهنية المختلفة ؛ من مكاتب المحاسبة والمكاتب القانونية وخبراء الضرائب والتقييم وذلك لتحسين جانب الافصاح والشفافية الخاص بالمعلومات عن الشركات الصغيرة والمتوسطة لتشجيع وجذب الاستثمارات اليها.
ولا أخفي عليك خبرا اذا قلت لك أن الهيكل الهرمي لتمويل العمل الحر يوضح حقيقة مفادها أن معظم النقدية ورأس المال التأسيسي للمشاريع الجديدة تأتي من ثلاثة مصادر وهي : "الأصدقاء والعائلة والحمقى" ويكفي أن تعلم أن ستيف جوبز احد أقطاب الأعمال في الولايات المتحدة بدأ مشروعه في مرآب منزله بوادي السليكون ، لكن عند اتساع الشركة وامتداد نطاقها ، فإن المصادر الثلاثة للتمويل تصبح عاجزة عن مواكبة الأفكار المبتكرة وتنفيذها على أرض الواقع وتكمن المشكلة في أن أصحاب العمل الحر الجدد يكونون غالبا بعيدين عن التأهل للحصول على قروض بنكية ومن المرجح بالفعل أن يكون رأس المال المخاطر خيارا حقيقيا لهذه المشاريع الوليدة ، لأن هذه المشروعات الوليدة تنطوي على مخاطر عالية ومعرضة للفشل إلى حد كبير... وهنا يتقدم "ملائكة الأعمال" أو ما يعرف أيضاً باسم "المستثمرون الملائكة" ، فمع "التمويل للإبداع" في المراحل المبكرة من المشروع ، يقدم هؤلاء الأفراد رؤوس أموالهم وخبرتهم لمساندة المشاريع الجديدة الواعدة ، رغم كم المخاطر الجمة التي تحدق بهذه المشروعات الناشئة ، حيث تتراوح نسبة احتمال فشلها بين 60 و80 في المائة دون أن يحصل صاحب المشروع أو الملائكة الممولون على أي عائد وفي العديد من الحالات يفقدون كل أموالهم ومع هذا ، فإن حلاوة هذا الأمر تكمن في أن واحدا من كل عشرة أو اثنين من كل عشرة إذا كنت محظوظا من هذه الشركات لا يحقق فقط أرباحا تعادل ضعف أو ثلاثة أضعاف رأس المال الأصلي، بل ربما 10 أو 20 أو 30 ضعفا، وقد يكون أكثر.
وتميل ملائكة الأعمال في الولايات المتحدة إلى تقديم مبالغ ضئيلة نسبيا، لكنها في حالات استثنائية قد تقدم ما يصل إلى 35 مليون دولار، وتلك هي "الملائكة السوبر " ... هذه الملائكة ساعدت على دعم النظم الإيكولوجية المبتكرة التي تجعل من وادي السليكون مرتعا خصبا للمواهب الصاعدة من أصحاب العمل الحر ... وادي السليكون هذه المنطقة التي أصبحت مشهورة بسبب وجود عدد كبير من مطوري ومنتجي الشرائح أو الرقاقات السيليكونية (الدائرة المتكاملة) ، وحالياً تضم جميع أعمال التقنية العالية في المنطقة ، حيث أصبح اسم المنطقة مرادفاً لمصطلح التقنية العالية.
ملائكة الأعمال تبحث غالبا عن شركات تستثمر فيها في مجالات التجارة والتصنيع وتكنولوجيا المعلومات والسلع الاستهلاكية سريعة الحركة وتعمل في بعض الأحيان بنظام مشاركة الأرباح وتقاسمها ، لأنه ليس كل استثمار هدفه الحصول على حصة في الشركة وأرى انه من الضرورة بمكان رعاية الدولة المصرية لملائكة الأعمال لتنمية الاستثمار وتحفيز الشركات الناشئة على المنافسة والابتكار وتوفير فرص عمل لقطاعات كبيرة من الشباب وحل مشكلة البطالة وتنمية الاستثمارات المحلية وبخاصة في القطاع الصناعي الانتاجي لزيادة معدل النمو الاقتصادي وزيادة الصادرات ومن ثم رفع القيمة المتدنية للجنيه المصري ... ولكن السؤال الذي يفرض نفسه ؛ هل ستواجه ملائكة الأعمال تعقيدات قانونية وإجراءات روتينية تعرقلها عن العمل وتحقيق التنمية الاقتصادية بمصر ؟!

نقلا عن الاهرام