عن روعة التكافل الإجتماعي


بقلم : شيرين سيف الدين 
 
قال تعالى في كتابه الكريم {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (114) سورة النساء.
 
تصريحات مدير عام جمعية الأورمان الخيرية التي أثارت جدلا مؤخرا، والتي ربما خانه التعبير فيها ، في تصوري أن البعض أخرجها من سياقها، وكما نعلم فإن آفة هذه الأيام ، ومع وجود مواقع التواصل الاجتماعي ، فما أن ينطق أحد ، أو يحدث حدث إلا ونجد قوافل ممن يتملكهم الفراغ ولا شاغل لهم سوى القيام بتصيد الأخطاء ، وتحوير المقاصد ، وتوجيه الحدث ، حسب رغباتهم ، ويبدأ فورا (الهري) بالتعبير الدارج.

وعندما أعدت الاستماع لكلمات الرجل ، وجدته بدأ حديثه بأنه لايوجد منزل مصري إلا ووصل إليه طعام من مصري آخر، واختتم بأنه لا يوجد مصري فقير، والذي فهمته أنا شخصيا وغيري كُثر أنه بفضل التكافل الاجتماعي ، لا يوجد فقير في مصر ، فالقادرون يقدمون المساعدات لغير القادرين، ما يساهم في سد احتياجات المحتاجين ويخرجهم من دائرة الفقر (طالما استمرت المساعدات)، وهي في اعتقادي حقيقة ، فبرغم صعوبة الظروف الاقتصادية في مصر لا أحد يموت جوعا .

هناك رغبة لدى أغلب المقتدرين في البحث عن غير القادرين لمساعدتهم ، ولصعوبة الوصول للملايين من المحتاجين فقد أُنشئت مثل تلك الجمعيات التي تقوم بدراسة وبحث الحالات جيدا ، والتأكد من استحقاقها للمساعدات ، كي تُيَسر على من يرغب في المساعدة توجيه أمواله في الاتجاه الصحيح .

وفي الحقيقة لا يستطيع أحد أن يجزم بهوية كل جمعية واتجاهاتها ، إلا من خلال تاريخها العملي على أرض الواقع، وأي عاقل هو قلبا وقالبا مع الدور الذي تقوم به هذه الجمعيات مادامت محل ثقة ، ومن الطبيعي أن كل شخص عندما يوجه أمواله لإحدى تلك الجمعيات يستفتي قلبه أولا ، ولا يتجه لمؤسسة أو جمعية لا يثق بها.

أما الحملات الخاصة بوقف التبرعات فهي غير محمودة ، ومن غير المفهوم هل لا يدرك صاحب تلك الدعوات أنه قد يكون سببا في وقف خير موجه للمحتاجين لمجرد حوار خرج عن سياقه؟ .

عزيزي صاحب الحملة إن كنت لا تثق في مؤسسة الأورمان أو غيرها فلا تدفع أموالك من خلالها ولكن احتفظ برأيك لنفسك ، ففي ظل الظروف الصعبة والغلاء الذي يكتوي به الشعب، لا يوجد حل آخر سوى التكافل الاجتماعي الذي أمرنا به الله في جميع الأديان وتوجهنا إليه إنسانيتنا، فهناك بيوت مفتوحة، وهناك مرضى يحصلون على العلاج، وطلبة يسددون مصاريف دراستهم من التكافل، فإما أن نكون عونا لبعضنا البعض أو لنصمت ، فمن العجب أن نجد أناسا لا ترحم ولا تحب أن ترى رحمات الله ، وهم لا يعلمون أن رحمة الله لا يستطيع أحد منعها أو الوقوف أمامها أبدا .
 
عمار يا مصر، بشعبك المتكافل الذي لا يقبل فيه القادر أن يترك جاره محتاجا ، ولا يتحمل حتى متوسط الحال أن يسمع عن حالة إنسانية في احتياج إلا وشارك في مساعدتها ولو بالقليل .
 
اللهم اغن هذا الشعب بحلالك عن حرامك ، واغنه بفضلك عن من سواك ، واصلح ذات بينه .