فليقل خيرا او ليصمت


بقلم: شيرين سيف الدين 

حملة شرسة غير مبررة تتعرض لها مستشفى ٥٧٣٥٧ ، وكأن قدر كل كيان ناجح في مصر أن تتم مهاجمته ومحاولة إفشاله ، كي نظل ننعت وطننا بأنه وطن ضائع لا علاج فيه لمريض ولا طعام لجائع.

يطل علينا البعض بقصص لرفض المستشفى للمرضى غير القادرين ، ومحاولة تصوير الوضع بأنه نوع من أنواع الطبقية ، والاستهتار بحياة المريض المسكين ، والإشارة إلى أنها مستشفى  قائمة على (الواسطة) .

وللإنصاف وبتجربة شخصية لإحدى المقربات لي أصيب طفلها بالمرض ونصحها جميع الأطباء بعلاجه في ٥٧٣٥٧  حيث إنها المكان العلاجي الأفضل على مستوى الشرق الأوسط ، فتوجهت به فورا إلى هناك ، وبما أنها ذات صلة قرابة بشخص ذو مركز مرموق في المستشفى لجأت اليه من أجل الإسراع في قبول الحالة وزيادة الاهتمام ، وكانت المفاجأة هي اعتذاره عن القيام بأي دور يجعلها تتخطى قواعد ونظام المستشفى ، حيث إنه لا مجال للواسطة بأي شكل من الأشكال ، وأن المستشفى تقوم على مبدأ مشابه (للحج) على حد وصفه ، فالجميع متساوون، والعلاج يتم بشكل عادل ودخول الحالات يكون بحسب أسبقية الدور، وكل الحالات مقيدة على أجهزة الكمبيوتر بتاريخ توجهها للمستشفى كي تسير الأدوار بشكل منصف للجميع ، وأكد لها أن تخطي الدور أمر مستحيل ، وأن الجميع يحصلون على رعاية طبية متميزة ومتساوية ، وهو ما يدحض فكرة الواسطة التي كنت أميل لتصديقها في وقت من الأوقات ، وضرب بها عرض الحائط ، وبالتالي اضطرت للسفر خارج البلاد كي تبدأ رحلة العلاج الذي لا يتميز عن مصر سوى في زيادة توافر الغرف والأسرة ، وهو ما قد تتغلب عليه مصر مع زيادة التبرعات .

ما يؤكد أيضا عدم وجود أي نوع من أنواع التفرقة بين القادر وغير القادر هو أن أهل المريض حتى وإن أرادوا التبرع بثمن غرفة كاملة كي يقيموا فيها ، تأتي الإجابة بأنه حتى في حال التبرع بالغرفة فسيخضع المريض المتبرع لنفس النظام وعليه انتظار دوره .

نعلم جيدا أن أعداد المرضى كثيرة لذا لا تستطيع المستشفى توفير أسرة وغرف للإقامة الدائمة للجميع ، ونجدها تطالب البعض بالخروج بعد الحصول على الجرعة العلاجية والعودة مرة أخرى في مواعيد الجرعات اللاحقة لإفساح المجال لحالات أخرى .

إذا كان البعض يستنكر ويعترض على الاستمرار في دعوة المستشفى محبي فعل الخير للاستمرار في  تقديم المساعدات ليكملوا معها مسيرة التوسع وزيادة أعداد الأسرة ، والاستمرار على نفس المستوى في تقديم الخدمة ،  فعليهم العلم أن التوسعات تُزيد من فرص علاج المرضى ، وتساهم في زيادة القدرة الاستيعابية لحالات أكثر في وقت أسرع .
 
لقد عاصرت تفاصيل التجربة عن قرب ، وتأكدت من أن المستشفى قائمة على نظام لا حياد عنه لأي سبب ومهما كانت واسطة المريض ، كما أكد لي جميع معارفي من  المتطوعين هناك على تميز الخدمة ومستوى الرعاية والاهتمام بجميع الحالات بالتساوي ، ودون أي نوع من أنواع التفرقة .

للأسف نجد العديد ينشرون صورا وفيديوهات لحالات لم  يتم استقبالها بشكل فوري في المستشفى ، مع  التأسي على حال غير القادرين في إيحاء بأن المستشفى تبيع الوهم للمتبرعين  ، وكان من الأولى بهم أن يقوموا بدور إيجابي للمساهمة قدر المستطاع في إنجاح المشروع الخيري كي يتسع للجميع ، فالبكاء وحده لا يكفي ولا يثمن أو يغني من جوع .
 
نقطة أخيرة يجب الإشارة إليها وهي الهجوم على الإعلانات وتكلفتها ، دون وعي من المهاجم بأهمية الحملات التسويقية لأي كيان ، فالتسويق والإعلان من أساسيات زيادة الموارد، فإن كان الإنفاق على أي إعلان على سبيل المثال جنيها واحدا ، فالمكسب من وراءه أضعاف، حتى وبعد خصم ذلك الجنيه فسيظل المكسب أضعاف ، وبسؤال أي متخصص في مجال التسويق حول جدوى الإعلانات سيؤكد ضرورة الحملات الإعلانية، وبالتأكيد زيادة التبرعات عن طريق لفت نظر الناس لضرورة التبرع ، وبالتالي الاستمرار في تقديم الخدمة بالمستوى المطلوب ولأعداد أكبر ، وهو ما حدث بالفعل مع العديد من مؤسسات المجتمع المدني والمستشفيات والجهات المحتاجة للدعم وساعد في نجاحها من خلال التبرع .

إن ٥٧٣٥٧ نموذج مصري مشرف للعلاج المتميز والمُقَدَم للجميع بنفس المستوى سواء للقادرين أو غير القادرين نتمنى أن تحتذي به مؤسسات مصر جميعا .

نسأل الله الشفاء لجميع المرضى وندعوه أن يكفي الجميع شر سيئ الأمراض ، فلا أحد من هؤلاء المهاجمين يعلم ماذا يحمل له الغد ، وما إذا كان لا قدر الله سيحتاج للجوء إلى تلك المستشفى يوما ما ، وقد يتمنى حينها لو أنه ساهم ولو بجنيه  ، أو على الأقل عمل بمبدأ فليقل خيرا أو ليصمت .