خبطتين في الراس توجع


بقلم : شيرين سيف الدين 

نعلم أننا نمر بظروف صعبة تحتاج لقرارات صعبة أيضا، لكنها تحتاج لمشرط جراح كي تتم العملية بسلام ، الشعب يحتاج لمن يسايسه ، ويضعه في الحسابات مع كل قرار ، لكن إذا كان قد قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ووقع دون رجعة وأصبح واقعا فما هو الحل إذا ؟  

من وجهة نظري لابد من العودة للقرارت السابقة ودراسة أخطائها ومعرفة نقاط القصور فيها كي نتلافاها مستقبلا ، بالإضافة للاستماع لمختلف الآراء والحلول المطروحة والاستفادة منها .

إن اختيار التوقيت المناسب لأي قرار خاصة إذا كان لا مناص منه ، دائما ما يقلل من ألم القرار ، ويساعد في القدرة على امتصاصه بشكل أكثر سلاسة نسبيا ، فمثلا لا أعلم تحديدا لماذا تم اختيار رفع الدعم عن المحروقات في أجازة العيد ، والجميع يعلم أن الغالبية العظمى على سفر سواء للتنزه او للزيارات العائلية في المدن المختلفة في مصر ، وهو ما يحتاج من المواطن ملئ خزان البنزين حتى نهايته باستمرار ، مما سيشعره بعظم المشكلة ،وسيشعره بالفارق في الأسعار بأكبر شعور سلبي ممكن ، فبجانب تكلفة الإجازة زاد عليه عبء البنزين في العيد ، وبدلا من أن تحاول الحكومة إرضاءه في تلك المناسبة قررت تكدير عيده ، وحصْد أعداء جدد بعد حلف اليمين مباشرة !

 لقد كان من الأفضل اختيار التوقيت المناسب وتأجيل الخطوة لما بعد العيد ، مع إعطاء هدنة بين الزيادات .

قرار آخر في توقيت خاطئ أيضا وهو البدء في تعريفة الكهرباء الجديدة في فصل الصيف ، وتحديدا في شهر يوليو حيث الاستهلاك الأكبر للكهرباء بسبب حرارة الجو ، ففجأة سيشعر المواطن بالفارق الشاسع بين فاتورة الشتاء والقفزة الرهيبة لفاتورة الصيف ، فيما أنه لو تم الانتظار حتى الشتاء المقبل لتصبح الزيادة تدريجية لكان أفضل كثيرا وأرحم على المواطن ، وبالتأكيد ستقلل من سخطه ، كما أن الانتظار لفصل الشتاء سيسمح بوجود فترة بينيه بين زيادة البنزين وزيادة الكهرباء كي لا يصبح الضغط كضربة قاتلة على الرأس ، أو كما يقول المثل (خبطتين في الراس توجع ) .

من الواضح أن الطبقة المتوسطة أصبحت هي الدافع الأساسي لجميع الفواتير ، لذا فإن لها طلبات أيضا كحق من حقوقها إذا طالبنها في الاستمرار بالدفع .

أول المطالب وأكثرها عدلا رفض دعم من ينجب بلا حساب ..فكما تطالب الدولة الطبقة المتوسطة بتحمل الأعباء الاقتصادية ، عليها أيضا أن تحمل من ينجب أكثر من طفلين أعباء حياته الخاصة، فلا يعقل ان تحدد الطبقة المتوسطة النسل كي تستطيع تربية أبنائها ورعايتهم والإنفاق عليهم ، ثم تجد نفسها مسؤولة عن أبناء من ينجبون ٥ و ٦ و ١٠ وبكون بسبب عدم القدرة ، العدل أن لا تدعم الدولة أكثر من طفلين ، يكفي أن الطبقة المتوسطة لا تستفيد من أي دعم سوى دعم البترول والكهرباء ، أما فيما عدا ذلك من تعليم وصحة وغذاء فهي غير مستفيدة منه ، بل بالعكس هي تقوم بالدفع من جيبها وعلى حساب احتياجاتها من أجل دعم من ينجبون بلا حساب ، فرفع الدعم لا بد أن يقابله عدل .

مطلب ضروري وعادل أيضا هو تفعيل كروت البنزين الذكية كي لا تستفيد السيارات الخاصة بالسفارات والهيئات والشركات الأجنبية والأجانب المقيمين من دعم البنزين ، وهو من العدل أيضا .

مطلب آخر وليس أخير هو أن يجد المواطن فارقا في مستوى الخدمات المقدمة من الجهات الحكومية ، ويشعر بتطبيق قوانين المرور بصرامة للحفاظ على حياته من حوادث الطرق ، وأن يجد تغييرا جذريا في المحليات ، ويشعر بالنظافة والنظام في الشوارع والمستشفيات ، وهو ما لن يحمل الدولة أعباءا مالية جديدة بل قد يزيد من مواردها ويضفي حالة من الرضا بدلا من السخط الدائم .

الحياة كي تستقيم لا بد من العمل بمبدأ ( هات وخد ) لكن كله هات دون كياسة أو مسايسة قد يؤدي إلى حالة أكثر صعوبة .

سيدي الرئيس إن الشعب يثق بك ويقدر حجم المسؤولية لكنه أصبح بالفعل يحتاج لمن يحنو عليه ويستمع إليه ويضعه في الحسبان ، وكلنا ثقة أننا سنجد استجابة مستقبلية من أجل مصلحة الجميع .