الغارمين والغارمات أحباب الله


عماد حجاب

قضية الغارمين والغارمات تحتاج إلى تدخل تشريعى سريع للتخفيف من معاناتهم، بدلا من إلقائهم فى غياهب السجون مع المجرمين والقتلة وتجار المخدرات، فقد بح صوت المجتمع منذ عشرين عاما للمطالبة بضرورة قيام الحكومة والبرلمان بإيجاد مخرج إنسانى يحقق العدالة والإنصاف لهذة الفئة الضعيفة، التى تضطر للاستدانة وتعجز عن الوفاء بسداد قيمة الدين فى موعده. 

وربما تكون الاستدانة لأسباب اجتماعية وظروف قهرية واضطراية تواجه هذه الأسرة وتضظر لدفع ثمنها باهظا من حياة الأب أو الأم، منها تزويج الأولاد وبناء منزل أو شراء أجهزة كهربية منزلية أو لتجهيز أحد الأبناء للسفر للخارج لحل مشكلة الفقر التى تعانى منها تلك الأسرة، وهى أسباب تحتاج لتدخل من الدولة لتوفير حماية بها وحلها حتى لا تتفاقم المشاكل.

وتقوم بعض الدول بتعديل عقوبة الحبس والسجن فى قضايا الغارمين والغارمات، التى تشبه المادة 341 بقانون العقوبات، التى أصبحت سيفا مسلطا على رقاب الفقراء، وتؤدى إلى زيادة عدد الأحكام، وساهمت فى ضياع أسر بالكامل بعد حبس الأب من الغارمين أو الأم، لاستبدالها بعقوبة خدمة مدنية يقوم من خلالها الغارم أو الغارمة بقضاء فترة فى خدمة المجتمع بأحد مؤسسات الدولة دون مقابل مالى، تعادل فترة الحبس.

ووجود جهة حكومية مثل وزارة التضامن الاجتماعى تتابع هذة القضايا مع وزارتى الداخلية والعدل والنيابة العامة، وتتولى دراسة الحالات التى تواجه صعوبات فى حياتها وتوفى بهذه الديون نيابة عنها، هو جزء من دور الدولة فى رعاية مواطنيها، خصوصا الفقراء والمهمشين، الذين يعدون من الفئات الأولى بالرعاية.

والمعضلة الرئيسية فى قضايا الغارمين أن حجم الدين عليهم ربما لا يتجاوز ألف جنيه فى نسبة مرتفعة من القضايا، وأحيانا فى حدود عشرة آلاف جنية فى الشريحة الأقل، وهى مبالغ زهيدة وليست كبيرة، لكنها كالجبل أمام المدينين، وأصحاب الدخول البسيطة، والمعضلة الثانية أن معظم الغارمات من السيدات المعيلات للأسرة التى تتولى شئونها بسبب وفاة الزوج أو الطلاق، وتضطر الزوجة للاستدانة للإنفاق على أولادها الصغار أو تزويج إحدى بناتها.

والمبادرة الإنسانية للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بالإفراج عن أكثر من 960 غارم وغارمة، ضمن العفو الرئاسى، وتكفل صندوق تحيا مصر بسداد ديونهم والتي بلغت أكثر من 30 مليون جنيه، تمثل خطوة جيدة فى الوقت الراهن.
ونحتاج بصورة عاجلة إلى قيام الحكومة ومجلس النواب بدورهم فى بحث هذه المشكلة ودراستها قانونيا واجتماعيا وإنسانيا، والعمل على إيجاد حل دائم لها يفتح أبواب الرحمة والأمل لهم، فالرحمة بالبشر وروح القانون أفضل عند الله والمجتمع من العقوبة التى تجازى المتهم مرتين، الأولى عن الفقر، والثانية عن العجز على سداد الدين.

نشر في الأهرام