«الوقود» بين الضرورة وتحقيق العدالة


محمد مصطفى حافظ

بعد تحريك أسعار المنتجات البترولية بنسب متفاوتة، وإن كان قرارا أجمع على حتميته خبراء الاقتصاد للخروج من عنق الزجاجة، خاصة أن دعم الوقود يكلف ميزانية الدولة المليارات نتيجة الاستيراد لمعظم هذه المنتجات، إلا أنه رغم أني مع تلك الضرورة لدفع عجلة الاقتصاد والتخفيف من على موازنة الدولة أو توجيه ما يتم توفيره لضخه في ميزانية التعليم والصحة "الأكثر احتياجا"، إلا أننى كنت أود من الحكومة اتباع عدة آليات واجبة قبل قرارات تتعلق بسلعة استراتيجية تدخل في تكلفة معظم السلع من إنتاج وتكاليف نقل حتى لا تمس محدودي الدخل. 
أولا من الضروري أن تكون هناك قاعدة تفرق بين غير مستحقي الدعم من الأغنياء وأصحاب السيارات ذوى الدخول العالية والمستثمرين والسفارات وغيرهم، حتى لا يصل الدعم لمن لا يستحقه مطلقًا على الوقود، التفكير الجدي في تجربة الدعم النقدي بديلاً للدعم العيني الذي فشل في تحقيق عدالة إيصال الدعم لمستحقيه من محدودي الدخل وتعويض هذه الفئة التى بلا شك أكثر تضررًا من هذه الزيادة على ميزانياتهم المتهالكة أصلا من كثرة الأعباء المعيشية وضغوطات الحياة الاقتصادية، وربما تكون أهم أسباب للمشاكل الاجتماعية للأسر المصرية.
والأكثر حتمية من قرارات الإصلاح الاقتصادي ضبط منظومة عملية الأسعار بتشديد الرقابة على الأسواق لمواجهة جشع بعض التجار بتطبيق القانون بكل حسم وقوة مع أي مخالفة، وتفعيل دور أجهزة الرقابية وجهاز حماية المستهلك وتكثيف الحملات الرقابية على مخالفات استغلال رفع الأسعار غير المبررة على السلع والمنتجات بمختلف أنواعها بحجة زيادة تكلفة الإنتاج والنقل المنتظرة، وزيادة الحملات على مواقف السيارات بكافة المحافظات لمحاسبة السائقين المخالفين لتعريفة السرفيس والتاكسي ووسائل النقل الجماعي، والإعلان عن التعريفة الجديدة لوسائل المواصلات ووضع الملصقات على سيارات السرفيس بقيمة الأجرة الجديدة المعتمدة في كل محافظة، والإعلان بوسائل الإعلام المختلفة عن خطوط ساخنة للشكاوى في حالة أى سائق مخالف ومستغل للركاب بغرامات فورية.
يجب أن تعلم الحكومة أن الشعب وغالبيته الساحقة محدودي الدخول الذين يتحملون رفع الأسعار لبكل صبر ويحاولون طرد اليأس والإحباط ينتظرون أن تؤدي هذه الزيادات المتتالية لإيجاد وسائل أخرى من خارج الصندوق الحكومي لتحمل فواتير فشل حكومات وسياسات ماضية فاشلة، ولوضع آليات مثل اقتصاديات السوق بالعالم كله بالنسبة للأسعار هبوطها وصعودها مع توازنها مع الأجور للمحافظة على مستوى اجتماعي مستحق للمواطن المصري .
يا سادة المواطن محب لوطنه ومستعد لتحمل الكثير من الصبر بشرط إعطائه "الأمل" في غد أفضل بتحقيق عدالة توزيع الأعباء فمن السهولة إخراج من لا يستحقون الدعم، وذلك يوفر مليارات الجنيهات أكثر من تحريك الأسعار. 
نقلا عن الاهرام